هل ثورة الطب الشخصي تقتل روح المجتمع الطبي؟

لقد شهدنا تقدماً هائلاً في مجال الطب الشخصي مع ظهور علاجات مستهدفة وفعالة للغاية، خاصة في علاج السرطان.

ومع ذلك، فإن هذا التقدم يأتي بتكلفة مخفية: إنه يعزل المرضى ويخرجهم عن نطاق الرعاية التقليدية التي تشمل الأسرة والمهنيين الصحيين الآخرين.

إن مفهوم "المريض الفرد" الذي يتم تحديد حالته الصحية وعلاجها بناءً على علاماته الجينية الفريدة، يفصلنا عن بعضنا البعض.

نحن نصبح أفراد منفصلين، كل واحد منا يحارب مرضه الخاص بمعلومات وأدوية فريدة له.

وهذا يخلق شعورا بالعزلة وعدم التواصل الإنساني الضروري خلال فترة مرض شديد.

بالإضافة لذلك، هناك خطر آخر وهو خروج مهنة الطب عن جذورها الإنسانية.

معظم المتخصصين في المجال الطبي اختاروا مهنتهم لأنهم أرادوا خدمة البشر والتفاعل معهم وجها لوجه.

ولكن عندما يصبح التركيز الأول على القراءة المباشرة للحمض النووي للمرضى وتصميم خطة علاج فردية لهم باستخدام روبوتات متقدمة عالية الدقة، فإن العلاقات الشخصية بين الطبيب والمريض والتي كانت دائما جزء أساسي من الشفاء تقل تدريجيا لتتحول مهمتهم إلى تحليل بيانات وبيانات فقط.

بالتأكيد، توفر التطورات العلمية الحديثة أدلة قيمة حول كيفية عمل أجسامنا وكيف يمكننا مكافحة الأمراض بشكل أفضل، ولكنه من الخطأ الاعتقاد بأن هذه الاكتشافات وحدها كافية لحماية صحتنا البدنية والحفاظ عليها سليمة.

يجب علينا أيضا الاعتناء بجوانب أخرى للصحة مثل الصحة النفسية والجوانب الاجتماعية للتغذية والرعاية الوقائية وما بعد الإصابة.

كما ينبغي النظر بعمق أكبر لما يحدث داخل جسم الإنسان عند تعرضه لأمراض مختلفة وفهم تأثير العوامل الخارجية المختلفة عليه أثناء عملية التعافي الكامل منه.

يجب ألّا نسمح بأن تؤدي فوائد الطب الشخصي إلي تحويل عمليات التشخيص والعلاج لدينا تمامًا إلى إجراء رقمي بارد ومنزه عن أي لمسة بشرية.

فلنرَ كيف بالإمكان الاستفادة القصوى مما يقدمه التقدم العلمي الحالي بينما نحافظ أيضاً علي تلك السمات الإنسانية الحميمة الموجود أصلاً ضمن قطاع الرعاية الطبية منذ زمن طويل.

إن الأمر يتعلق بإيجاد توازن – مزيج مثالي بين دقة العلوم وقدرتها الهائلة وبين حاجة الجسم للنظافة والسعادة والتفاؤل والشعور بالأمان والذي يوفرانه الطبيعين أولياء النعم الذين يعملون جنبا جنب لإنجاز مهمتهم النبيلة.

#التنمية #تزال #أحثكم

1 Comments