هل تهدد ثورة الصناعات الناشئة روح الإبداع البشري؟

مع تقدم تقنيات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والطاقة المتجددة وغيرها من المجالات الجديدة، يبدو العالم وكأنه يقف عند مفترق طرق حاسم.

بينما يتمتع هذا التقدم بفوائد عظيمة لتحسين الكفاءة وحل مشاكل بيئية ملحة وتسريع عملية صنع القرار، إلا أنه يثير مخاوف بشأن تأثيره على الروح الإنسانية والإبداع الخلاق الذي يميزنا كمخلوقات فريدة ذات وعي وروابط اجتماعية وثقافية عميقة.

قد نجتاز مرحلة حيث تسود الآلات المهام الروتينية والمتكررة والتي لا تحتاج الكثير من الفهم السياقي، وبالتالي ستترك للإنسان مساحة للاشتغال بما يحسه الفريد لديه وهو القدرة على التفكير غير النمطي وحل المشكلات المعقدة واتخاذ القرارت الأخلاقية بالإضافة للحفاظ على روابط المجتمع وتقوية الشعائر الدينية والفنية.

ومع ذلك فإن هناك خطراً واضحاً كامناً خلف كل ذلك والذي يتمثل بانحصار دور العنصر البشري داخل دائرة ضيقة جداً مقارنة بقدراته وإمكاناته مما سيؤدي إلى انطفاء نور التفوق العقلي والإبداعي لدى البشر وسيحل محلها آليات عقلية اصطناعية باردة خالية من المشاعر والعواطف والتي تعد أحد أهم مصادر التحفيز لتطور العلوم والفنون عبر التاريخ منذ نشأة الحضارة الأولى وحتى يومنا الحالي.

لذلك فعوضاً عن اعتبار تلك الثورات التكنولوجية بمثابة نهاية لعصور افتراضية للقوى العاملة البشرية ومصدر لإلهاء الشباب والشابات بعيداً عن دراستهما الجامعية مثلاً، ينبغي علينا اغتنام هذه الفرصة الذهبية واستخدامها لبناء مجتمع معرفي مبتكر قادرٍ على احتواء كافة الاختلافات الثقافية والدينية تحت مظلة واحدة تجمع الجميع بروح التعاون وليس المنافسة حتى نحافظ سوياً على تراكم رأس مال بشري مزدهر ومتجدد باستمرار يتلاءم ويتكيف وفق متغيرات الزمان والمكان دون خوف من انقطاعه أو تلفه نتيجة عوامل خارجية كالذي يحدث للمواد الخام.

خلاصة القول هي ضرورة وضع قوانين ولوائح صارمة لحماية خصوصيتنا وأسرارنا الشخصية أثناء تبادل المعلومات عبر شبكة الانترنت العالمية وكذلك تشديد القبضة الأمنية ضد أي اختراق لهذه الخصوصية وانتهاكات أخرى مشابهة وذلك حفاظاً عليها وعلى سلامتها لأن وجودنا مرتبط ارتباط وثيق بها وبقدرتنا على التحكم فيها وتعظيم الاستفادة منها لصالح رفاهية المجتمعات المختلفة حول العالم بغض النظر عن اختلافات الانتماءات السياسية والعرقية وما الى ذلك.

.

.

فلنرتقِ معا نحو تحقيق أعلى درجات الانسجام الجمعي المبني اساساً على احترام قيمة الفرد ضمن نطاق جماعي شامل لكل اطيافه وملله ومذاهبه.

---

[#1916][#9214][#19109][#588][#10947][#525][#321][#4261][#341]

12 التعليقات