إن الذكاء الاصطناعي قد غزا معظم جوانب الحياة البشرية ولم يعد هناك مجال لاختراق المزيد منها سواء كانت القطاعات الخاصة أم العامة.

فبعد اقتحامه للقطاع الطبي، أصبح يستخدم حاليا لتحليل النصوص والفقه الإسلامي عبر تطبيقات ذكية تقدّم آراء شرعية مبنية على بيانات واسعة الانتشار.

وبالفعل فإن الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي في فهم المصادر الشرعية ودوراته العلمية المختلفة أمر بالغ الأهمية للاستعانة به كمصدر ثقة عند الحاجة للإرشادات الدينية.

لكن ما هي حدود مسؤوليتنا تجاه نتائج تلك التطبيقات وما مدى دقتها مقارنة بالمفتيين والمفسرين التقليديين الذين عاشوا العصر النبوي وتلقوا علومهم مباشرة منهم ومن صحابته رضوان الله عليهم!

هذا السؤال مهم للغاية لأنه يتعلق باستقرار المجتمع المسلم وقدرته على تطبيق أحكام الشريعة الغراء وفق السياقات الجديدة التي تواجهها المجتمعات المعاصرة والتي ربما تختلط فيها الأمور بسبب عدم وجود متخصصين قادرين على تفسير كل حدث ضمن منظومة القيم الإسلامية الأصيلة.

لذلك فهناك حاجة ملحة لوضع نظام رقابي جامد للتطبيقات الذكية التي تتعامل مع الأوامر والنواهي الدينية حفاظا على سلامتها وتمسكا بتعاليم ديننا السمحة.

وفي نفس السياق، هل يكفي هذا الأمر فقط لحماية حقوق الإنسان وضمان تحقيق مصالح الناس العامة أم أنه ينبغي أيضًا تطوير قوانين دولية تحمي خصوصيات المستخدمين وترشدهم لاستعمال صحيح للتكنولوجيا؟

إن طرح مثل هذه القضايا يشكل جزء رئيسي للحفاظ على حياة كريمة للمواطنين والحيلولة دون أي انتهاكات غير مقبولة عقليا وعرفيًا.

علاوة على ضرورة إنشاء مراكز متخصصة لرصد المخاطر المحتملة الناتجة عنها واتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين للقواعد الموضوعة أصلاً لهذا الغرض.

والآن بعد مناقشة جانب كبير من دور الذكاء الاصطناعي في خدمة العلوم الدينية ووضع الضوابط اللازمة له، يجدر بنا التطرق لجوانبه الأخرى المؤثرة جدا كالمسائلة الأخلاقية المرتبطة باستخداماته الواسعة وطبيعة تأثيراتها المستقبلية طويلة المدى على العلاقات الاقتصادية والعسكرية وحتى السياسية.

وهذا موضوع آخر سنخصصه للنقاش مستقبلاً بإذن الله تعالى.

#بالأخلاق #نناقش #الموجات

1 코멘트