مستقبل التعليم: بين الذكاء الاصطناعي والنمو الاقتصادي

في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها المجتمعات اليوم، يتطلب الأمر إعادة النظر الجادة في دور التعليم التقليدي ومساهمته الفعلية في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة.

بينما تسلط العديد من الدراسات الضوء على أهمية دمج التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي وأدوات الواقع الافتراضي في العملية التعليمية؛ مما قد يؤثر بلا شك على طريقة تفكير المتعلمين ويعمل على تنمية مهارات نقدية متقدمة لدى النشء، إلا أنها في الوقت نفسه قد تؤدي إلى زيادة مستوى الانعزال الاجتماعي وانعدام الممارسة المباشرة للتواصل الإنساني الطبيعي الذي يعتبر ضروريًا لتطوير الشخصيات الاجتماعية القادرة على التعامل بفعالية داخل بيئات العمل المختلفة مستقبلاً.

بالإضافة لذلك، فإن التركيز الزائد على توفير معلومات جاهزة وسريعة الوصول إليها عبر الشبكات الرقمية العالمية قد يجعل بعض الشباب أقل اعتمادًا على قدرتهم الخاصة لاستنباط الحقائق واستخدام العقول الخلاقة لفهم الأمور بعمق واتخاذ القرارات الصائبة عندما يحتاجونها حقاً خارج نطاق الشبكة العنكبوتية الواسع.

إن تطوير "جيل رقميين" قادر على الاستغلال الكامل للموارد المتاحة لهم ولدى العالم أيضاً أمر مهم للغاية لأجل تقدم أي دولة نحو المزيد من النمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي لكن ذلك لا بد وأن يقترن بتوجيه عادل ومشرف يضمن عدم تحويل البشر لأنفسهم آلات تنفيذية باردة القلب والعلاقات الاجتماعية معدومة الشعور بالألفة والإحساس العميق بقيمة الحياة الجماعية.

وبناء عليه يجب علينا أولويّة وضع أسس واضحة وقابلة للتطبيق لمنظومة تعليمية حديثة تقوم على مبدأ التكامل بين العالمين اللذان يُطلق عليهما (المادي والرقمي)، بحيث يتمكن كل فرد من اكتشاف موهبته الفريدة وطرق العمل المثلى لإطلاق تلك القدرات الكامنة لديه سواء كانت اجتماعية, أكاديمية او حتى عملية.

وهذا بالتالي سوف يساعد المجتمع مجتمعا أكبر على اجتياز تحدياته المستقبلية بنجاح أكبر خصوصاً فيما يتعلق بتحسين نوعية حياة المواطنين وزيادة فرص عمل أفضل لهم جميعاً بصرف النظر عن خلفيتهم الثقافية والفكرية الأصلية.

وبالتالي فلابد ان نحرص منذ الآن وبكل جدية على خلق مدارس وجامعات قادرة حقاً على اعداد كوادر بشرية عالية التأهيل وواسعة الآفاق الذهنية والتي ستعمل بدورها كمصدر للإلهام والإبداع الدائم لبلدانها وشعبها العزيز عليها وعلى رفعتها دائما وابدا .