بين المرونة والتطرف.

.

نحو فهم عميق للإسلام قد يبدو الأمر للوهلة الأولى وكأن هناك تناقضا واضحا بين الدعوة للمرونة في فهم الشريعة والدفاع عن عدم تجاوز حدودها الثابتة.

ومع ذلك، فإن هذا "التناقض" الوهمي ينبع أساسا من سوء فهم لطبيعة التشريع الإسلامي وسعة مداركه.

فعندما نتحدث عن المرونة في تطبيق أحكام الشريعة، فنحن نشير إلى القدرة على التعامل بذكاء ووعي مع المستجدات والمتغيرات الاجتماعية والثقافية والعلمية وغيرها، وذلك عبر الاستنباط والاستدلال الصحيح للنصوص الدينية بما يضمن تحقيق مقاصد الشريعة الكبرى والتي تتمثل في حفظ الضروريات الخمس (الدين والنفس والعقل والمال والعرض).

أما عندما نوصف أي اجتهاد شرعي بالانحراف الخطير فهو عندما يتم خارج نطاق الضوابط والمعايير العلمية والفقهية الراسخة، وعندما تخلو تلك الاجتهادات من الربط بالمبادئ الأساسية للشريعة وأهدافها العليا.

وبالتالي، فالخطاب الداعي لحماية جوهر الدين من الانحرافات غير مبرر أصلا طالما ظل الجميع ملتزمين بتلك الحدود الواضحة لمنهج البحث العلمي المقبول اجتماعيا ودينياً.

كما أنه من اللافت للنظر وجود حالة من اللبس حول مفهوم "الفُتْيَا"، حيث غالبا ما يتم اختزال معناها في كونها مجرد آراء فردية مصطنعة لتلبية نزوات الأشخاص بدلا من رؤيتها كمنتجات علمية تستند الى أدلة وفروع مختلفة للفقه الإسلامي.

وهنا يأتي دور العلماء المؤهلين الذين لديهم معرفة معمقة بالنص القرآني والسنة النبوية المطهرة بالإضافة لقدرتهم التحليلية العمياء للواقع الجديد لإيجاد الحلول المناسبة لكل قضية مطروحة عليهم.

وهذا الدور الحيوي يتطلب منهم أيضا الانتباه لأي تأويلات خاطئة قد تؤثر سلباً على المجتمع المسلم جمعاء.

وفي النهاية، يعد الحوار البناء بشأن هذه المواضيع أمراً بالغ الأهمية لبناء مستقبل أفضل للمسلمين جميعاً.

فعلى الرغم من الاختلافات الموجودة حاليا فيما يتعلق بكيفية تطبيق قواعد الشريعة، إلا أن الاتفاق العام يدعو لأن نبقى دائما ملتزمين بمبادئ الوسطية والاعتدال بعيدا عن المغالات والتطرف مهما كان نوعهما.

#الدين #تعديلها #الماضي

1 Commenti