في عالم اليوم المتصل رقميًا بشكل متزايد، تصبح مسألة الحرية الفردية والحفاظ عليها ذات أهمية قصوى.

بينما نتحمس للتطورات التكنولوجية ووعود الرفاهية الافتراضية، فلا بد لنا من النظر بعمق أكبر فيما يتعلق بكيفية تأثير هذه التقدمات على خصوصيتنا ومعلوماتنا الشخصية.

فالخطوة الأولى نحو حماية مستقبل رقمي شامل ومُرضٍ هو ضمان بقائنا متحكمين في بياناتنا وقدرتنا على اختيار كيفية استخدام الآخرين لها.

وهذا لا يعني فقط رفض أي شكل من أشكال سوء التعامل والاستخدام غير المصرح به للمعلومات الحساسة المتعلقة بحياتنا الخاصة بل ويتجاوز الأمر إلى التأكد من أنه عندما يتم جمع البيانات واستعمالها، يكون ذلك بشفافية تامة وأن الغاية منها نبيلة ومشروعة قانونيًا وأخلاقيًا.

قد يرى البعض في هذا الأسلوب نوعًا من "العنصرية" ضد تقدم العلوم وتقنية المعلومات الحديثة ولكنه ببساطة طريقة لإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا بحيث تبقى الأخيرة موجهة بخدمة الأول عوضاً عن العكس.

إنه دفاعٌ عن كرامة كل فرد وصيانة لحقوقه التي منحها القانون الدولي والتي أكدت عليها جميع المواثيق العالمية مثل تلك الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن الحقوق المدنية والسياسية وكذلك الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الانسان والحريات الاساسية وغيرها الكثير مما يؤطر مفاهيم الدولة المدنية والقانونية.

لذلك ومن أجل سلامتنا الجماعية واجب علينا وضع قواعد وضوابط صارمة بشأن مشاركة وتبادل وتداول واستثمار البيانات بما فيها ما يعرف الآن باسم الاقتصاد المبنى على أساس تحليل مجموعات كبيرة من البيانات والمعروف اختصاراً بالـ(Big Data).

ويشكل هذا المجال نواة العديد من الأعمال التجارية والصناعات الناشئة حالياً وبالتالي فهو يستحق اهتماما خاصا خاصة عند ربطه بالحياة الاجتماعية والثقافية للشعب العربي والذي غالبا ماتكون لديه مخاوف مشروعة حول انتهاكات الخصوصية نظرا لماضي مليئ بالممارسات البيروقراطية المقيدة للحريات الفردية.

ختاماً، نقول بأن نجاحنا كامتداد حضاري عربي حديث سوف يعتمد جزئيا على قدرتنا على تبني الحلول الرقمية المختلفة وسواء كانت تلك حلولا متعلقة بالإدارة الحكومية والمالية والشؤون البلدية أم أنها مرتبطة بصورة أكبر بنمط حياة المواطن اليومية ومشاركته السياسية والمعرفية داخل المجتمع الكبير الذي أصبح قرية كونية صغيرة.

لكن قبل كل شيئ، ينبغي ان نتذكر دوما بان مصدر كل قوة وفخر للإنسانية يكمن اولا واخيرا باحترامنا لأنفسنا ولإخواننا ممن هم حولنا وان نعمل معا لبناء غدا اكثر اشراقا وسلاما.

1 التعليقات