لنكن واقعيين!

لقد أصبح العالم يعتمد كليا تقريبا على التكنولوجيا في مختلف مناحي الحياة بما فيها التعليم.

صحيح أنها سهلت الوصول للمعرفة والمعلومات حول العالم بسرعة ودقة غير مسبوقتين، لكن مقابل ماذا؟

!

فقد بات التفاعل الإنساني المباشر سلعة نادرة ومحدودة للغاية داخل أسوار المدرسة وخارجها أيضا.

حتى أثناء تلقي الدروس عبر الإنترنت، يتحول الطلبة إلى مشاهدين سلبيين يجلسون أمام الشاشة لساعات طويلة ويتفاعلون بالكاد مع بعضهم البعض ومع معلميهم/معلماتهم الذين غالبا ما يكون حضورهم رمزيا بسبب القيود الزمنية وغيرها الكثير.

وبالتالي فإن غياب التواصل وجها لوجه له تأثير كبير جدا على عملية اكتساب المهارات الاجتماعية الأساسية لدى النشء والتي تعتبر أساس نجاح أي فرد في المجتمع سواء اجتماعيا أو مهنيا لاحقا عندما يدخل سوق العمل وهكذا دواليك.

.

فعلى سبيل المثال، كيف يمكن لشخص اعتاد طوال سنوات دراسة كبيرة عدم الاختلاط بزملائه وزماعته بقدر مناسب خلال فترة حرجة تشكيل الشخصية مثل تلك الموجودة بمؤسسات التعليم المختلفة؟

كيف سينسجم ويتكيف اجتماعا بعد ذلك حين يصبح جزءا ضمن فريق عمل مثلا؟

أم سيكون أداؤه أفضل لأنه اعتاد العيش وحيدا هكذا منذ الصغر؟

إن كان الأمر كذلك فلربما هناك شيء خاطىء يجب تصويبه قبل فوات الأوان لأن المستقبل القريب سيصبح مبنيا أكثر فأكثر على القدرة الجماعية للعمل معا كأسرة واحدة وليس كمجموعة منفصلة تعمل بنفس الاتجاه فقط.

لذلك فالخطوة الأولى نحو تغيير الوضع الحالي تتمثل بإنشاء بيئات تعليمية تجمع بين فوائد التقدم الرقمي وبين أهمية إبقاء العنصر البشري حاضرا دائما وبفعالية أكبر مما هي عليه حاليا وذلك تحقيقا للمنفعة العامة وللحفاظ أيضا على سلامتنا النفسية والعاطفية كون الإنسان مدني بالفطرة ويتطلب صحبة الآخرين للاستمتاع بالحياة نفسها.

ومن المؤكد أنه لا يوجد حل وسط هنا – إما نقبل بواقع جديد يجعلنا روبوتات متحركة تسير وفق برامج معدّة مسبقا وبعيدة كل البعد عن الطبيعة البشرية ذات الطابع المرادف للجذب والصد والإبداع وغيرهما مما يميز النوع البشري.

.

.

وإما نستعيد زمام الأمور مرة أخرى بتغييرات جذرية تقضي باسترجاع دور المدرسين كوسيط فعال بالإضافة لاستخدام أدوات حديثة مبتكرة تدعم وتعزز الخبرات الحسية والحركية للطالب عوضا عن ترك المجال مفتوحا أمام احتمال واحد وهو الاستسلام الكلي لعالم الروبوتات والذي سيترك العديد من آثار جانبية خطيرة علينا وعلى مجتمعنا برمته.

بالتالي فالقرار النهائي متروك إلينا الآن: هل سوف نشاهد تدهورا عاما لقيم المجتمعات وقدراتها الذهنية أم سندعو لب

1 মন্তব্য