هل يمكن لأي دين في العالم اليوم أن يلعب دورًا أكبر من الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في جمع الناس وتقريب وجهات النظر بينهم؟

إن تعازينا لبابا الفاتيكان الراحل لا تنبع فقط من الاحترام لرجل الدين العظيم، بل أيضًا لما حققه من تقارب روحي وثقافي خلال فترة ولايته القصيرة نسبيًا.

فقد عمل بكل جهد لإبراز القيم الإنسانية المشتركة لدى جميع الأتباع بغض النظر عن انتمائهم الطائفي والديني.

وقد انعكس ذلك واضحًا عندما قررت العديد من الدول العربية إعلان الحداد عليه والتعبير عن تقديرهم العميق لمواقفه الداعمة للقضايا الحقوقية والإنسانية حول العالم.

لكن دعونا نفكر بمفهوم آخر للعالمية.

.

.

عالمية غير مرتبطة بجغرافيا سياسية محدودة.

فالعالمية الحقيقة ليست تلك التي نتعامل بها يوميًا عبر حدود مصطنعة رسمتها الاتفاقيات الدولية - والتي غالبًا ما تخلق المزيد من الصراع والانقسام.

صحيح أنها توفر نوعًا من التنظيم والنظام للقوى البشرية ولكنه تنظيم مؤقت وعابر مقارنة بالعالمية الفعالة والقوية النابعة من عقائد ثابتة مثل الإسلام والتي تجعل المؤمن يشعر بنفس المستوى من الولاء والمسؤولية تجاه أخيه المسلم سواء كانوا في الشرق الأوسط أم غرب أوروبا.

فعندما يتعلق الأمر بالتاريخ الإسلامي القديم، سنجد أنه رغم الاختلاف الكبير في الثقافة والعادات وحتى اللغة، إلا أن العامل الرئيسي الذي وحد العرب وغيرهم ممن اعتنقوا الدين الإسلامي هو انتماءتهم العقدي الواحد.

لقد اجتمع الناس حول رسول واحد وكتاب مقدس واحد وشريعة واحدة تقوم جميعها على أساس العدالة الاجتماعية والرعاية الجماعية.

أما بالنسبة لعصورنا الحاليّة، فلابد وأن نشارك بنشاط أكبر في خلق مستقبل أفضل لوطن مسلم متكامل ومتلاحم يجمع أبنائه فوق أي اعتبار آخر.

وهذا يتطلب منا أولًا فهم قيمة الوحدة واستيعاب الدروس المستفادة من التجارب التاريخية، ثانيًا العمل الجاد نحو تحقيق الأهداف المشتركة بما فيها الدفاع عن حقوق الإنسان وحماية البيئة ومجابهة التغير المناخي وغيرها من الأمور الملزمة لكل فرد حر طموح لهذا الوطن الغالي.

#داخل

1 التعليقات