إن التكنولوجيا هي السيف ذو الحدين الذي يقطع كل شيء، ففي حين أنها فتحت آفاقاً جديدة للإنسانية وتسهيل حياة الإنسان، إلا أنها أيضاً أدت إلى سيطرة نخبة صغيرة على مصادر المعلومات والقدرة على التحكم بالمحتوى والتلاعب بالوعي العام.

إن خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي وقدرتها الهائلة على تحليل البيانات واستخدامها لتوجهات المحتوى نحو مسارات معينة قد جعلتنا سجناء داخل فقاعات خاصة بنا.

هذه الفقاعات التي تخلقها لنا منصات التواصل الاجتماعي تحبس أفكارنا وتعزلنا عن الواقع خارج نطاق اهتماماتنا الشخصية.

فهي تعمل كمصفاة للمعلومات حسب ما تتوقعه منها وما يرغب فيها المستخدم نفسه مما يجعل الأشخاص الذين لديهم نفس الاهتمامات يتواصلون فقط فيما بينهم ويتبادلون الآراء المتوافقة مع قناعاتهم المسبقة.

وبالتالي تصبح المجتمعات متشددة ومتطرفة بشكل أكبر بسبب تأثر الناس بالأخبار والحقائق المبنية وفق رغباتهم الخاصة وليس الحقائق الموضوعية غير المتحيزة لمنصة اجتماعية بعينها.

وهكذا تتحكم النخب صاحبة رأس المال والمؤثرون عبر الإنترنت بتفكير الجماهير ومسارات حياتهم اليومية مستغلين بذلك قوة التكنولوجيا لصالح سلطتهم ونفوذهم الخاص للحفاظ على الوضع الراهن الحالي وعدم السماح لأي أفكار مخالفة لهم بالتسلل لعقول العامة.

لذلك يجب علينا أن نكون يقظيين وأن لا نسمح لهذه المنصات بأن تقيد عقلنا وفكرينا تحت مسميات مختلفة مثل "التخصيص" و"راحة الاستخدام".

فعلى الرغم أنه يوجد العديد من جوانب التقدم المرتبطة بكل ذلك، يجب ألّا يكون لدينا القدرة الكاملة لفهمه ولا الرضا عنه لأنه ببساطة قد يؤذي مستقبل الإنسانية ككل وقد يهدم أساس الحريه والفكر النقدي الأساسيتان لبقاء البشرية جمعاء وبنائها الحضاري الراقي .