بين دفتا الكون: سرد القصص والدروس من الطبيعة تمثل رحلات المياه والأنهار أكثر من مسارات جيولوجية بسيطة؛ هي حكايا لسلسلة الأحداث التاريخية والثقافية المتداخلة والتي شكّلت المجتمعات وشعبتها عبر الزمن.

فمثلاً، يتجاوز النيل دوره كنهر ليصبح شاهداً على الحضارات ورمز التواصل بين الشعوب والثقافات الأفريقية والعربية.

وكذلك يعتبر بحر الجليل معلم تاريخي وثقافي فلسطيني وعربي أصيل.

وبالانتقال إلى البحيرات الأخرى مثل بحيرة سيفان والبحر الميت، تظهر أمام ناظرَيْ المتأمِّل مناظر طبيعية أخاذة تحكي قصص الماضي والحاضر.

فالجمال الطبيعي لبحيرة سيفان يعكس تنوعه الحيوي واستقرار النظام البيئي المحيط به، بينما يكشف البحر الميت حقائق تأثير النشاطات البشرية عليه وعلى المناطق المحيطة.

وفي المقابل، تشكل الزراعة رد فعل بشري ضد الفوضى الطبيعية وتمثل جهداً مستمراً للبشرية لاستنباط موارد غذائها ومعيشيها منها.

وهنا تلعب الأشجار دور البطولة الرئيسية بوصفها رمز النمو والاستمرارية مقابل تذكير الزلازل بصغر حجم الإنسان مقارنة بطاقة الطبيعة الجامحة وقدراتها التحويلية المفاجئة والتي تستوجب الاحترام والحذر دائماً.

وأخيراً، عندما ننقل انتباهنا نحو الجبال، سنجد فيها دروس قيمة عن التأثير العميق للبيئة الطبيعية على العقائد والمعتقدات لدى الناس.

فجبل إيفرست مثلاً يحمل أهميته الجمالية والتاريخية كتحدٍ بشري للمغامرات الرياضية الخطيرة للغاية، أما جبل سانت كاترين الواقع جنوب شبه جزيرة سيناء المصرية فتحمل معه دلالاته الروحية والدينية باعتبار ارتباط اسمه بقصة موسى عليه السلام وفق المعتقد الإسلامي والمسيحي.

وهذه الأمثلة توضح مدى قوة الارتباط بين الإنسان ومحيطه الطبيعي وما ينتج عنهما من روايات ملحمية مشتركة.

وفي الختام، تبقى تلك العناصر جزء أساسي لفهم أفضل لذواتنا ولمحيطنا العالمي الكبير والمتنوع.

فعندما نطالع تاريخ أي منطقة أو نشاهد عجيبة طبيعية، سنكتشف بلا أدنى شك روابط تربط الماضي بالحاضر وبالآفاق المستقبلية للإنسانية جمعاء.

#هاما #الغامضة #الرفاه