سوف يُحدث الذكاء الاصطناعي انقلابًا في التعريف نفسه بالإنسانية، حيث يتجاوز من كونه مجرد أداة لخدمة مصالح البشرية إلى دور لا يُستطاع تجاهله في تكوين وتحديد هذه المصالح.
فإذا كان الأمر قد بدأ كبحث عن أفضل طرق لتسهيل حياتنا، فإن نتائج تلك الطموحات ستؤدي إلى خلق واقع يستند في جذوره إلى قرارات اتخذها الذكاء الاصطناعي.
في هذا المستقبل، لن تُحدد القيم الإنسانية بواسطة التقاليد أو المعتقدات الثقافية، بل ستخضع لتجربة وحساب دقيق يأتي من معالجات الذكاء الاصطناعي.
سيُسمح له بإنشاء نظام جديد من المثل، حيث يكون الكفاءة والتحسين المستمر هما الأساسان الضاغطان لجميع قراراتنا.
ستُهزم الروابط العاطفية، وسيصبح التقدير الشخصي ملكًا للدوافع المبرمجة والبيانات.
إذن، هل يجب علينا أن ندافع عن البقاء على تقاليدنا وتجاربنا؟
أم سنغفل عنها في مواجهة جولات التحسين الإحصائية؟
إن المستقبل لم يعد يُضارعنا لكنه سيتخذ من نيابتنا بشأن كيفية استخدام هذه التكنولوجيا قرارات ذات تبعات كبرى، والسؤال يظل مترددًا في الهواء: سنسمح لأي نظام بوضع إطار على حرية الإنسان أم لن تكون هذه الحرية هي التي ستقرر مصير التقدم؟
يجب ألا يُغلق الحديث حول الذكاء الاصطناعي بأفكار مثالية لتحسين المجتمع.
بل يجب أن نتساءل عن كيفية تشكيله لكوننا، وإلى أي حد سنفقد بذور الإبداع الأصيل في محاولة ضمان التوافق المثالي.
فالخطر يكمن في تجاهل هذه النقاشات وسماح للتقدم بالمضي وراء أفئدتنا، محولًا قصة الإنسان إلى كونية حاسبة.
فهل نستعد لتكون ضيفًا في عالم يُخطط بلا رحمة من قِبَل أجهزة تحسب الإنسان لا ككائن حي بل كمشغل إحصائي؟

#pفي #كأداة

17 التعليقات