في قلب كل ثقافة عظيمة تكمن قصة توثق جمال الماضي وتلقي الضوء على حيوية الحاضر.

تشكل مدن مثل دلهي في الهند، وقرطبة بالأندلس، وكذلك باريس وفينيسيا بإيطاليا جزءاً أساسياً من السرد العالمي للتراث الإنساني.

دعونا نستشهد بدليل جغرافي فريد يتجاوز الحدود السياسية.

عندما تقصد إلى أودية نهر يناموسا في دلهي - حيث تقع القصور الشهيرة كالقلعة الحمراء وقبر هوميون - فإنك تعانق روح الإمبراطوريات المغولية.

وفي المقابل، حين تقدر جمالية قشتالة العربية بمدينة قرطبة، ستجد نفسك وسط عظمة الكنائس التي تحولت مساجد بعد الفتح الإسلامي، بما فيها مسجد جامع قرطبة الكبير الذي أصبح كاتدرائية فيما بعد.

أما بالنسبة لبقية أوروبا الغنية بالتاريخ والفنية الحداثة، فلا يمكن إلا أن نتوقف عند عاصمة الحب والعشق، باريس.

هنا تجتمع الأذواق الفاخرة بمزيج من الرومانسية والشغف؛ ويمكن أيضًا التعرف على فنون النهضة والإنسانية الجديدة داخل دور العرض المتعددة كمتحف اللوفر ومتحف أورساي وغيرهما الكثير.

وعلى الجانب الآخر تمامًا، تحتفظ فينيسيا بعناصر قديمة مترابطة كأنما هي شريان الحياة لهذه المدينة الجميلة المائية مهددة بخطر الانقراض البيئي حاليًا.

لكن يبقى لها صيت عالمي يجعلها محطة مهمة لعشاق الذوق الراقي والحفاظ على التراث الثقافي الهزيل للحضارات البشرية المبكرة بشكل عام.

إن هذه التجمعات العمرانية الدينية والعلمية والأثرية تعتبر رمزًا حيًا للعالم القديم الجديد.

فهي تذكير بأن الفنون والمعمار ليسا مجرد مظاهر خارجية للهوية الشخصية لأي دولة ما، بل هما ثروة مشتركة للإنسانية جمعاء يجب حفظها وحمايتها وصيانتها ضد آفات التقادم والنسيان اللدين يحاول العدميين زرعهما بين جوانب تلك المعالم الجديرة بالتقدير والاحترام بلا حدود ولا اعتبار للدولة الوطنية نفسها وإن اختلفت العقائد والمبادىء الاجتماعية والخلفية الاقتصادية لكل مجتمع مستقيل بذاته ضمن فرقة الأكوان الطبيعيّة الشاسعة!

14 Kommentarer