الطائفية والتنمية: وجهات نظر مختلفة

لبنان، الذي تأسس قبل قرن من الزمان بناءً على النظام الطائفي، ظلت هذه الثقافة جزءاً رئيسياً منه.

رغم محاولات دمج البلاد تحت سقف دستوري جديد عبر اتفاق الطائف، بقيت الطبيعة الطائفية للنظام السياسي راسخة.

الصراع الداخلي والصراع الخارجي حول القضايا المذهبية أدى إلى تعميق الجروح الطائفية في المجتمع.

دبي تقدم مثالاً للتطور الاقتصادي والعلمي عبر مشروعات مثل مزرعة بستانك، وهيأكبر مزرعة رأسية بالزراعة المائية عالمياً.

الاستثمار الضخم (150 مليون درهم) يُظهر التزام الدولة بتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي وتنوع الاقتصاد.

الشباب الإماراتيون يلعبون دوراً محورياً باستخدام التقنيات الحديثة في مجال الزراعة.

توفر الأدب العربي القديم رؤى عميقة حول العلاقات التاريخية بين القبائل العربية، خاصة بين عنزة والبكرية الوائلية.

الفروع المختلفة لتلك القبائل تشترك في جذور مشتركة وتعايشت سلمياً بحكم الروابط القرابية.

وفي النهاية، يمكن لهذه القصص الثلاث تقديم نظرة شاملة للمساومات المعقدة بين الدين السياسي والدولة الحديثة.

بينما يكافح لبنان ضد عبء الماضي الطائفي، تقدم دبي صورة لأمة تتوجه نحو المستقبل بإصرار وتخطيط مدروسين.

كما تساهم الدراسات التاريخية للأنساب القبلية في فهم التعقيدات الاجتماعية والثقافية للقوميات العربية.

أروى التونسي، يبدو أنك قد سلطت الضوء بدقة على وجوه متباينة للطائفية والتحديث في بيئتين مختلفتين تمامًا - لبنان ودبي.

لكن دعنا نتوقف للحظة عند وضع لبنان.

صحيح أنه رغم جهود الدمج بعد اتفاق الطائف، إلا أن الطبيعة الطائفية للنظام السياسي ما زالت تغذي الصراعات الداخلية والخارجية.

الفرق هنا ليس فقط بين الحرص على الوحدة الوطنية وبين الانقسامات الطائفية، ولكن أيضاً بين كيفية إدارة تلك الانقسامات.

من جانب آخر، استثمارات دبي الكبيرة في المشاريع العلمية والأثر البيئي تبدو وكأنها تمثل نهجا أكثر حداثة واستدامة للتنمية.

الشباب هناك هم بالفعل العناصر الأساسية في دفع عجلة الريادة والتكنولوجيا.

ربما يعكس هذا التحول نوع من الرؤية الاستراتيجية طويلة المدى والتي ترتكز على الاستقلال الاقتصادي والاستخدام الأمثل للتكنولوجيا.

بالنسبة لتمحيص العلاقة بين القبائل العربية القديمة, فإنها توفر رؤية هائلة لحياة مجتمعات كانت قائمة أساسًا على روابط الدم والقرابى.

ومع ذلك, هذه الفروق العرقية ليست مسألة تاريخ فقط; هي مازالت تلعب دورًا حيويًا ومؤثرًا اليوم ضمن العديد من الدول العربية.

ياسر بن عطية،

إن مقارنة الوضع في لبنان مع نجاحات دبي مثيرة للاهتمام حقاً.

صحيح أن نظام طائفي ترسخ منذ عقود يصعب تغييره بين عشية وضحاها، لكن هذا لا يعني عدم وجود حلول ممكنة.

ربما تحتاج لبنان إلى مزيد من الحكمة السياسية والإرادة الجماعية لتحويل تركيزها بعيداً عن الولاءات الطائفية نحو المصالح الوطنية الشاملة.

أما في دبي، فنجاحاتها المبنية على التكنولوجيا والاستثمار الكبير دليل واضح على قوة التفكير الاستراتيجي البعيد الأمد.

كما تعزيز مكانة الشباب كمحرك أساسي لهذا التقدم يعزز من قدرتهم على إحداث تحولات إيجابية.

هذه النماذج يمكن أن تكون مصدر إلهام لكل من يتطلع إلى تحقيق تنمية مستدامة.

ياسر بن عطية، أنت صحيح فيما ذكرت بشأن الفرق الواضح بين طبيعة النظام السياسي في البلدين؛ فالنهج المتبع في دبي يمثل اتجاهًا ثوريًا وحديثًا للتنمية، حيث يتم التركيز على الاستقلالية الاقتصادية واستخدام التكنولوجيا بطريقة مدروسة وفعالة.

ومع ذلك، يبقى التحدي بالنسبة لدول أخرى مثل لبنان، التي عانت من عواقب النظام الطائفي لعقود، أكبر بكثير وأكثر تعقيدًا.

ربما يحتاج الأمر إلى رؤية سياسية أقوى وإرادة مشتركة لإعادة توجيه الأولويات الوطنية بعيدا عن الولاءات الطائفية.

ياسر بن عطية، تتفق وجهة النظر بأن المقارنة بين لبنان ودبي فريدة وغنية بالتوجهات المتضاربة.

صحيحٌ أن لبنان يعاني تحت وطأة النظام الطائفي الذي غرس جذوره بعمق عبر العقود.

ومع ذلك، فإن تحدي تغيير مثل هذا الترتيب ليس بالمهمة المستحيلة.

قد يكون الطريق مليئاً بالعراقيل ولكنه يسطع فيه بصيص من الأمل عندما نرى كيف يمكن للسلوك السياسي والحكمة الجمعية أن يؤدي إلى الاصلاح - كما حدث مع اتفاق الطائف.

على الجانب الآخر، تُعتبر دبي نموذجاً للتحسن والابتكار.

بفضل ثقافة تقدر التعليم والتكنولوجيا، فقد أثبتت أنها قادرة على تحقيق استقلالية اقتصادية كبيرة.

يقود الشباب هنا حملة الريادة وهم يشكلون العمود الفقري للنمو المستمر.

إنه درس مهم لبقية العالم حول أهمية الثورة التكنولوجية والتعليم لشعوبها.

أوافقك الرأي بأن الرؤية الاستراتيجية طويلة المدى واستثمار القطاع الخاص ينشدان طريقا جديدا للتنمية المستدامة.

وهذه حالة جديرة بالنظر إليها باعتبارها خيارا قابلا للتحقيق بالنسبة للدول الأخرى التي ترغب في الازدهار.

أمامة القاسمي، يتفق قلب الموضوع مع وجهة نظرك في تقدير التنوع الكبير في النهجين التنمويين بين لبنان ودبي.

ومع ذلك، أعتقد أنه من المهم التأكيد على أن التغيير في دول مثل لبنان ليس بالأمر السهل ولكنه ليس غير قابل للإنجاز أيضًا.

بالاستناد إلى نماذج الناجحة مثل اتفاق الطائف، يمكن تحقيق تقدم كبير إذا توافرت إرادة سياسية قوية ورؤية واضحة للمستقبل.

كما أن التجربة الإماراتية تبين لنا مدى فعالية الاستثمار في الشباب والتقنيات الحديثة في تشكيل مستقبل البلاد.

أروى التونسي، يبدو لي أن رؤيتك دقيقة جدًا حين تصفين كيفية تأثير النظام الطائفي على لبنان وتعافي البلاد بعد اتفاق الطائف.

من المؤكد أن المرونة السياسية البشرية مذهلة ويمكن لها أن تحقق التحول إذا ما اجتمع الجميع خلف هدف مشترك.

ولكن دعنا لا نتناسى أن النجاح المستدام يحقق أيضاً بالاقتصاد القوي والبنية التقنية الرائدة.

دبي قد قدمت مثالاً رائعًا لكيفية بناء دولة قوية على أرض الواقع، وهو أمر يستحق الدراسة بكل تأكيد.

أروى التونسي،

أتفق تمامًا معكِ حين提 cập كيف يمكن للنظام السياسي أن يُحدث فرقا هائلاً في سبل تنمية الدولة.

حقيقةً، المثال اللبناني يعكس حجم الصعوبات التي تواجه تلك الدول التي ما زالت تخضع لنظام طائفي عميق الجذور.

ومع ذلك، أتساءل إن كانت الزاوية التاريخية للأمر دائمًا هي الحل الوحيد؟

ربما هناك حاجة ماسّة لتطبيق سياسات جديدة ترتكز أكثر على الوحدة الوطنية وتقديم مصالح الوطن قبل كل شيء.

وفي الوقت نفسه، تعتبر تجارب البلدان الأخرى كمصدر إلهام للتغيرات المُحتملة.