إن منظور زيدان بن عيشة حول دور الإعلام في تشكيل الواقع يطرح تساؤلات عميقة جديرة بالتأمل.

إن تركيزه على طريقة تقديم المعلومات باعتبارها محورية مثل الشفافية والمساءلة أمر مثير للتفكير.

من الواضح أنه يشير إلى احتمال قيام المؤسسات الإعلامية بتعزيز الاستبداد الذاتي عبر ممارسات قد تهدف لتوجيه الرأي العام وليس فقط نقل الأخبار.

هذا يثير سؤالا مهمّا: هل يجب زيادة رقابة الصحافة أم رقابتها بدورها؟

هذه قضية معقدة تتصل بالحريات الأساسية وحماية حقوق الإنسان مقابل مسؤولية المجتمع تجاه الحقيقة الكاملة والمعرفة الصحيحة.

بالإضافة لذلك، فإن أساليب التضليل والإثارة تحتاج لنظر جدّي ومعالجة فعالة لمنع استغلال القنوات الإعلامية لتحقيق أجندات غير أخلاقية.

أشرف بن عبد الله،

توقفت عند نقطة مثيرة للاهتمام في نقاشك حيث ذكرت احتمالية مشاركة الإعلام في تأجيج الاستبداد الذاتي.

صحيح أن هناك قصص عديدة تُظهر كيف يمكن للأخبار والمحتويات المنتقاة أن توجه الرأي العام وتضع الناس تحت نفوذ سلطات معينة.

لكن دعينا نتجنب فكرة زيادة الرقابة على الصحافة.

فالرقابة ليست الحل الأمثل دائمًا، فقد تؤدي إلى تقييد حرية التعبير وبالتالي تعطيل الديمقراطية الحقيقية.

ربما يكون الطريق الأنسب نحو حل أكثر توازنًا يعزز المساءلة الذاتية لدى المؤسسات الإعلامية بدلاً من فرض رقابة خارجية.

بهذا النهج، يمكننا تحقيق هدفنا المشترك وهو ضمان حصول الجمهور على معلومات دقيقة وموضوعية بدون تدخل سلبي.

منصور المهدي،

أوافق تمامًا على وجهة نظرك حول أهمية المساءلة الذاتية للحفاظ على سلامة المعلومات في ظل احتدام المنافسة الصحفية.

ولكنني أتساءل، كيف يمكن دعم هذه المساءلة دون اللجوء إلى المزيد من الضوابط الخارجية؟

يبدو لي أنه رغم حسن نوايا العديد من المؤسسات الإعلامية، إلا أن جاذبية التصنيف الأول وضغط السوق غالبًا ما يقود إلى تبني بعض التقنيات التي قد تضر بصحة المعلومة.

ربما يحتاج الأمر إلى تطوير نماذج جديدة للتقييم المهني مدعومة بأنظمة مكافأة وتحفيز تشجع على العرض الدقيق والمتوازن للأحداث.

منصور المهدي،

أتفهم مخاوفك بشأن زيادة الرقابة على الصحافة، ولكن يبدو أننا نتجاهل حقيقة أن بقاء مؤسسات إعلامية معينة تعتمد على جذب انتباه الجماهير بأي ثمن.

في حالة عدم وجود رقابة ذاتية أو محاسبة، ستظل هذه المؤسسات ملتزمة بالسلوك التجاري الأكثر ربحية والذي قد يتضمن التلاعب بالأخبار.

بالتالي، قد تكون هنالك حاجة لتدخل خارجي لحفظ المعايير المهنية واحترام الحق في الحصول على معلومات موثوقة ودقيقة.

فاروق الدين السوسي، أتفق مع اعتقادك بأن المساءلة الذاتية هي المدخل الأساسي للحفاظ على نزاهة الإعلام.

لكنني أعتقد أيضًا أن مجرد الثقة في ظروف سوق تنافسية مرتفعة للغاية قد لا تكون كافية لمنع الانحرافات المحتملة.

صحيح أن بعض المؤسسات الإعلامية لديها نوايا حسنة، ولكن كما قال أشرف بن عبد الله، الربحية غالبًا ما تقود القرارات.

نحن بحاجة إلى نظام أكثر تنظيمًا وأكثر مساءلة، ليس فقط من الداخل، بل الخارج أيضًا.

الرقابة الذاتية مهمة، لكنها قد تحتاج إلى دعم آليات رقابة خارجية لضمان التطبيق الفعلي لهذه الرقابة.

فاروق الدين السوسي،

أتفق معكِ في الاعتقاد بأن المساءلة الذاتية هي الخطوة الأولى والأكثر فاعلية لمنع التلاعب بالمعلومات في وسائل الإعلام.

ولكن، هناك حاجة أيضاً إلى مراقبة خارجية لمنع سوء الاستخدام المحتمل للمساواة بين الربحية والنزاهة.

الاعتماد الكلي على المسائلة الذاتية قد يسمح لبعض المؤسسات بالإفلات من العقوبات عندما يتعلق الأمر بمصداقيتها.

النظام المقترح من قبل Farouk Dine El Soussei، والذي يدعم المساءلة الذاتية باستخدام المكافآت والتحفيز، يجب تعزيزه بطريقة تحافظ على الشفافية والحوكمة.

وهذا سيضمن أن جميع اللاعبين الرئيسيين هم جزء من العملية وأن الآراء المختلفة يتم اعتبارها بعناية.

فاروق الدين السوسي،

في حين أن المساءلة الذاتية ضرورية لضمان نزاهة الإعلام، إلا أن الاعتماد الكامل عليها يمكن أن يكون خطيرًا في بيئة تنافسية مرتفعة.

الضغط الاقتصادي والرغبة في تحقيق عوائد أعلى يمكن أن يدفع المؤسسات الإعلامية إلى الانحراف عن المعايير المهنية.

من ناحية أخرى، الرقابة الخارجية يمكن أن تكون مدمرة إذا لم تكن محكمة ومتوازنة.

التحدي الحقيقي هو تحقيق التوازن بين المساءلة الذاتية والرقابة الخارجية، حيث يتم تقييم المحتوى بشكل عادل وشفاف دون أن يتم قمع الأصوات المستقلة.

بالنظر إلى تجربتكم في المجال، أعتقد أن الحل الأمثل يكمن في تطوير نظام يجمع بين المساءلة الذاتية وال

أشرف بن عبد الله،

أتفهم قلقك بشأن المؤسسات الإعلامية التي تعتمد على جذب الانتباه بأي ثمن، ولكنني أعتقد أن المشكلة أعمق من مجرد غياب الرقابة الذاتية.

في الواقع، حتى مع وجود الرقابة الذاتية، يمكن أن تكون المؤسسات الإعلامية عرضة للتلاعب بسبب الضغوط الاقتصادية.

إن التركيز على زيادة الرقابة الخارجية يمكن أن يكون حلاً مؤقتاً، لكنه قد يؤدي إلى قمع الأصوات المستقلة وتقييد حرية التعبير.

بدلاً من ذلك، يجب أن نركز على تعزيز ثقافة الشفافية والمساءلة داخل المؤسسات الإعلامية نفسها.

يجب أن تكون هناك آليات داخلية قوية لضمان أن تكون الأخبار موثوقة ودقيقة، وليس فقط من خلال التدخلات الخارجية.