بالنظر إلى دور الجيوش وغاياتها في المجتمعات الحديثة، يسأل الكثيرون: هل تُقاتل الجيوش بصدق لحماية الشعوب، أم أنها خادمة مخلصة لأولئك الذين يمتلكون وسائل القوة والثروة؟
كل حرب تُطارد بعبارات الدفاع عن "الوطن"، مما يستدعي التساؤل: من هم المتحققون فعلاً لهذه الانتصارات؟
هل هم القادة أنفسهم، أم شركات الأسلحة التي تزدهر على رغبة الدول في السلطة والتفوق؟
هل من الممكن أن تُستخدم الجيوش كوسيلة لتعزيز نفوذ القوى الكبرى، ما دام الجنود يضحون بحياتهم والمواطنين يلتزمون باستدانة عبء التكاليف المالية؟
يُشير هذا إلى تساؤل أعمق حول الصراع: هل هو وسيلة لحماية الأمم، أم أنه مجرد عملية تجارية جمالية تخدم المصالح الإقتصادية؟
إذا كانت الحروب في جوهرها ليست سوى آلة صناعة، فهل يُخطف من عقولنا ويُعرض أمامنا مشاريع حربية مصممة خصيصًا لتحافظ على تدوير هذه الآلة دون انقطاع؟
فإن الفجوة بين المثاليات التي يُروى بها سرد قضية كل حرب والتكاليف الحقيقية—الإنسانية، الاقتصادية، الأخلاقية—المترتبة على ذلك تطرح تساؤلًا عن مصدر هذه "الحروب التي يجب أن نُقاتلها" وحقيقة منفعتها لأكثر الشعوب صلاحية.
في عصر يسوده المصالح الخاصة، يصبح دور القوات موضوعًا مُثيرًا للجدل وتحتاج إلى تفكيك أعمق.
هذا التحدي يُطرح سؤالًا عن حقيقة نية الجهود المبذولة لحماية "الوطن" وأمتنا، وهل تستخدم بصدق للدفاع عن الشعب أم لتغذية آلة تروج لرؤى مضللة من المصالح.
يُثير هذا التساؤل حول فرضية وجود نقطة راهنة في الخلافات: أمانًا خياليًا يُستخدم لتبرير مشاريع تكون بدافعها غير المباشرة التجارية أو السياسية؟
فإذا كان هناك حلول سلمية وقابلة للتطبيق، لماذا يُفضل الخيارات الحربية باستمرار التي تجعل المواطنين أهدافًا ولا حصنًا؟
إن كشف الحقائق المتأزمة خلف مسرح الحروب قد يكون أول خطوة نحو فهم الحقيقة التي تكمن وراء عبارات "الجهاد" و"الخلاص".
هل ستظل المجتمعات مغلقة جانبًا من هذه الحقائق، أم أنّ التفكير النقدي يُدعى ليُعاد بناء السرديات وإعادة تصور دوافع حربية تستخدم في غالب الأحيان بطرق ضارة؟
في عصر يتسارع فيه التغير، يجب أن نُكثِِّف من استفساراتنا حول دور الجيوش والملاذات التي تستند إليها لضمان عزيمة مجتمعنا وحماية المصالح الأكثر جدوى.
ففي خضم هذا التساؤل، قد يظهر أن مستقبل الحروب لا يُحسَّب على استعداداتنا للتغير بعيدًا عن الأشكال المفروضة ونحو حماية حقيقية ترتكز على نسج التفاهم والتعاون.

12 التعليقات