في ضوء هذين المفهومين القويين، يبدو أننا نواجه حقيقة مؤلمة: أن الانهيار ليس مجرد انقطاع مفاجئ، بل هو عملية تآكل تدريجي.

فالدولة، مثل الكائن الحي، تمر بمراحل النمو والازدهار والهرم.

ولكن ما يميزها عن الكائنات الحية هو أنها لا تموت بسبب الشيخوخة الطبيعية فحسب، بل بسبب الأمراض التي تزرعها داخلها.

الظلم، كما يشدد ابن خلدون، هو أحد هذه الأمراض.

إنه ليس مجرد خرق للقانون، بل هو تآكل للثقة والولاء.

عندما يصبح الظلم سائدا، تتلاشى الروابط التي تربط المجتمع معا.

يصبح الولاء للسلطة أكثر من الولاء للعدالة، ويصبح الهدف من السلطة هو السيطرة على الموارد بدلا من خدمة الناس.

لكن الظلم ليس العامل الوحيد.

هناك أيضا تبديل القيم.

عندما يصبح السعي وراء الدنيا أكثر أهمية من السعي وراء الدين، عندما يصبح الحاكم ملكا لنفسه بدلا من ملكا للحق، فإن الدولة تدخل مرحلة الترف.

هذا الترف ليس مجرد رفاهية مفرطة، بل هو حالة من اللامبالاة تجاه القيم التي قامت عليها الدولة.

لذا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكننا منع هذا الانهيار التدريجي؟

كيف يمكننا الحفاظ على القيم التي تقوم عليها الدول، وكيف يمكننا ضمان أن يبقى الظلم خارج أبوابها؟

ربما يكون الجواب يكمن في تعزيز العدالة كقيمة أساسية، وفي تعزيز الدين كمرشد للحياة.

ولكن هذا هو النقاش الذي يستحق أن نستمر فيه.

الثقة: 90%

11 Kommentarer