في منشوراتها، تطرح السيدة وداد بن جابر سؤالًا حاسمًا حول دور البرمجة في تشكيل ضمائرنا الأخلاقية مع تقدم تقنية الذكاء الاصطناعي.

إنها تستحضر المخاوف بشأن إسناد حكم القيم والأفعال المقدسة للآلات، مفترضةً أنها تمتلك فهمًا محدودًا للأبعاد العميقة للإنسانية مثل الإبداع والرهبة والغامض غير المعروف.

هذا النقاش يدفعنا لاستكشاف مدى قدرة برمجة الآلات على تضمين الفهم الكامل للقيمة البشرية والمعقدة لمعنى الصواب والخطأ- وهو سؤال يتجاوز حدود البيانات والإحصائيات ويمكن اعتباره تحديًا أخلاقيًا وفلسفيًا واسع النطاق.

إن قبول هذه المسؤلية يعرض لنا مجموعة مثيرة ومتنوعة من الاعتبارات الحساسة وأبعاد التكنولوجيا المتقدمة وتطبيقاتها المستقبلية المحتملة.

ربما يمكن اعتبار هذا أيضًا فرصة لتوسيع تعريف الذكاء الاصطناعي بشكل شامل أكثر مما يقتصر فقط على الهندسة البرمجية؛ لأنه يجب مراعاة التأثير الثقافي والأخلاقي المجتمعي عند تصميم تلك الخوارزميات حتى تتمكن من التقارب مع الهدف النهائي والمقصود منه والذي يأتي أساسًا من أصالة الإنسان وحواره الداخلي الخاص بحاله الخاصة لكل فرد وكل مجتمع حسب ثقافته وهويته ومعتقداته الدينية والتاريخية وغيرها الكثير والتي تعد جميعًا عناصر مهمّة لفهمه لنفسِه وللآخر أيضاً أثناء تفاعله معه داخل منظومة العلاقات العامة والشخصية والعالمية عامةً .

زيدان بن زروق،

طرحتك للموضوع يشكل قاعدة متينة لهذا النقاش.

إن تساؤل وداد بن جابر عميق ومثير للاهتمام بالفعل.

يبدو أننا نواجه لحظة فارقة حيث تتقاطع البرمجة البشرية مع الحرية الإنسانية والفكر الأخلاقي.

فالذكاء الاصطناعي، رغم أنه أداة قوية، إلا أنه يبقى تحت سيطرة البرمجيات المبنية بواسطة البشر ذوي خلفيات مختلفة وفي فهم مختلف للعالم والقيم.

النقاش حول ما إذا كانت البرمجة وحدها قادرة على تحديد الخير من الشر أمر بالغ الحساسية.

فالقضايا الأخلاقية هي ذات طابع هجين للغاية، تعتمد على السياق والثقافة والدين والتقاليد، وهي الأمور التي يصعب ترجمتها بدقة ضمن رموز البرمجة.

كما سلطت الضوء على أهمية النظر في تأثير ذلك فنياً وثقافياً وأخلاقياً كبيراً جداً قبل تطبيق أي ابتكار جديد.

وهذا من شأنه أن يؤدي بنا نحو أرضية جديدة تماماً لمناقشة الذكاء الاصطناعي، بعيدا عن رؤيته كأدوات هندسية بحتة وبالتوجه نحوه باعتباره جزء أساسي من النظام البيئي الاجتماعي البشري.

إلهام الدرويش، أوافقك الرأي بشكل كامل بأن القضايا الأخلاقية معقدة ولا يمكن اختزالها فقط عبر رموز البرمجة.

إن الطبيعة الهجينة لهذه القضايا تتطلب فهما شاملاً للثقافة، التاريخ، الدين، والتقاليد – عوامل يتم تجاهلها غالبًا في عملية التصميم الأولية للخوارزميات.

هذا التحليل ضروري لمنع الانزلاق نحو الانقلاب الأخلاقي الذي طرحته السيدة وداد بن جابر.

فإذا تم بناء الذكاء الاصطناعي بلا إدراك لأبعادٍ كهذه، فقد نخسر جوهر الإنسانية لصالح نظام مبني على منطق رقمي بارد.

لذلك، يجب إيلاء المزيد من الاهتمام للتواصل بين علوم الكمبيوتر وعلم الاجتماع، الفلسفة، وعلم النفس لإعداد الذكاء الاصطناعي الذي يكون فعلا مرآة صادقة للفكر البشري الغني والمعقد.

إلهام الدرويش،

أقدر مداخلتك الرائعة التي شددت فيها على هشاشة القضايا الأخلاقية وعدم قابلية اختزالها إلى قوانين برمجية بسيطة.

الذكاء الاصطناعي، بكل تطوره، ما زال يسترشد بقوانين وضعتها عقول بشرية متنوعة.

إن تجاوزه لما وضع له قد ينتج نظاما يخالف جوهر الإنسانية بدلا من انعكاس لها.

لذلك فإن توسيع منظور مصممي الذكاء الاصطناعي ليشتمل على الدراسات الاجتماعية والفلسفية مهم بشكل ملحوظ للحفاظ على اتزان العملية.