الأبعاد الخفية للحرية: هل نحن مُبرمجون للدفاع عن هويتنا أم للسعي وراء الكمال الاجتماعي المُنتَج؟

يستحضر استذكار قضيتي الاختفاء المؤلم لمادلين ماكان وثورة الشباب في الجنوب اليمنى ومناقشة التجارب العلمية حول برمجة السلوك في حيوانات الفضاء تساؤلات عميقة حول جوهر حرية الإنسان.

إن كان معروفًا أن بيئتنا وتجاربنا الشكلان الأساسيَّتان لتكوين تفضيلاتنا وسلوكياتنا، فلماذا حين يتم انتهاك حقوقنا أو تهدد ثقافتنا، تولد لدينا برجمات دفاعية عفوية تكافح لاستعادة النظام الذي يعرفناه ويتماشى مع معتقداتنا الأساسية؟

إذا كانت الطبيعة المعقدة لعاداتنا ودافعنا لحماية عواطفنا العميقة متأصلة بعمق داخل هياكل وجودنا النفسية والجسدية، فعلى ماذا تستند المطالبات بإجراء اصلاح شامل للحكومات، وإنشاء مدن مثاليه خالية من الأزمات، والسعي لتحقيق سعادة مطلقه وسط تناقضات مجتمعية كبيرة إذا افتقر الأشخاص إلى حس الإنتماء للهويات التقليدية التي مرت بهم خلال عملية تنشئتهم العاطفيه والفكريّة الأوليه ؟

هذا يسائل جدوى محاولة غرس "السعادة" بالقسر عوض الفرضية بأن يحقق الأفراد شعورا بالأمن الداخلي والاستقرار الروحي ويجدوا مكانتهم الخاصة ضمن منظومة حياتهم العقائديه والخلقيه مما يؤدي لرضا نفسي أصيلي واستقلال روحي يكفل لهم ثبات عزائمهم وحمايتها .

فليس بوسع أي نموذج مثالي جامد وضعه خبراء خارجيون مهما بلغت دقة توصيفاته والتزامومه اللفظية ان يقنع قلوبا عطشت روحانيا ولددت لأرض فضاءاتها واسعا وشاملا قادرا علي تغذيه آماله ومواجهات اعدائه بقوه اليقين وانتصار الاحساس بالانتماء الأصيل لوطن الأحرار.

.

فالقلوب مفتوحة مبسوطة اذا اتى نداء الواجب المجرد المنسجم مع مقومات الذات الجامعه الكبرى ، اما تخريب اسس فلسفات الشعوب وانظمة أخلاقتها فهو عمل مميت لما يبقى فيها من نبض حياة وصوت حريه .

.

.

1 التعليقات