التحدي الثلاثي: التوازن بين طموح الكون، الاحتياجات الأرضية، والقيم الأخلاقية.

من الجدير بالاعتبار أنه بالإضافة إلى الضرورة الملحة للتعامل مع القضايا الاجتماعية والاقتصادية الملحة؛ فإن تنمية البصر نحو ما يمتلكه العالم من كنوز وفوائد، سواء كانت في المجال الفضائي أو الطبيعة المذهلة للكون، ليست ضرباً من الهروب مما يعاني منه البشر على سطح هذا الكوكب.

بل يمكن اعتبار ذلك سبباً للاستمرارية والحفاظ على روح التحفيز الذي يساعد الشعوب على بذل جهد أكبر لتحسين ظروف الحياة اليومية لهم وللأجيال المقبلة.

لكن عندما نلوح بهذين المسارين -السعي لتطوير قدرات الفرد وإمكاناته والاستثمار في البحث العلمي، والسعي لحل جذري لأعمق الأزمات الإنسانية- لا ينبغي لنا أن نسقط جانب مهم جداً.

إن قيمتنا كمسلمين تكمن ليس فقط فيما نبني ونتحقق منه، لكن أيضا كيف نقوم بذلك.

تقوم الشريعة بتوفير منظومة شاملة من الأعراف والمعايير الأخلاقية التي تهدف لإرشاد المسلمين عبر جميع جوانب حياتهم العملية.

لذلك يسعى فهم العلاقة بين "سرعة" الأعمال (وهو أمر مرغوب فيه) ومعايير "الجودة" (وهو مطلب أساسي)، إلى توضيح مدى أهمية وجود خطوة ثالثة –خطوة أخلاقية– تأخذ بعين الاعتبار حقوق الآخرين وحماية البيئة وكافة أشكال الرعاية المجتمعية.

إنها دعوة لبناء ثقافة تسعى دائما للسعادة والصالح العام ضمن حدود ما يُسمى بالإسلام بـ"العالم المعقول".

هذه الدعوة للت beaance تتجاوز الحدود القطاعية التقليدية بين السياسة والاقتصاد والفلسفة والثقافة والأديان المختلفة، لأن سعادتنا وشخصيتنا تشمل جميع تلك الأدوار المترابطة ارتباطا وثيقاً.

إذن فالاختيار الحقيقي أمامنا يكمن ليس في اختيار واحدة منها على حساب الأخرى، ولكن بدلاً من ذلك، العمل علي إبراز جموح رغبات الإنسان بطريقة مبتكرة حيث يتم استقبال الجميع تحت سقف واحد مفاهيمي يسمو فوق مصالح الذات القصيره النظر ويؤكد للمجتمع انه يحصد أثمار جهوده حين يقوم باحتضان وتمكين وتعزيز مفهوم التوازن المُتقَدم عليه والذي يؤرق مُعتقدينه منذ قرون مضت ورغم طول الزمان ظل طالبَه محترماً لكل حدود الدنيا وما بعدها .