في ضوء التحولات الثقافية والاقتصادية المفاجئة التي جلبتها جائحة كوفيد-19، يبدو أن هناك تحولا عميقا يحدث نحو إدراك قيمة التجارب البشرية الحقيقية.

بينما يتجه البعض إلى تقليل مظاهر البذخ في الاحتفالات مثل الأعراس، ويثير آخرون نقاشات حول أهمية العلاقات الإنسانية في ظلال اعتماد أكبر على وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الصناعي، تبرز مسألة أخرى حاسمة: ما إذا كان يمكن لهذا الاتجاه الافتراضي تجاه التعليم تهدد وجدان وحكمة الجيل القادم.

إذا كانت الجائحة دفعتنا لفهم أكثر للعلاقات الشخصية وديكورات المساحات الخاصة بنا، فقد يكون الوقت مناسبا لتقييم كيف تشكل أدوات التعلم الإلكترونية رؤيتنا وفلسفتنا للحياة بشكل عام.

ومع ظهور تقنية "التعلم الذكي"، أصبح بوسع الطلاب الوصول إلى كم هائل من المعرفة بسهولة وبساطة غير مسبوقة؛ لكن هل يؤدي هذا الثراء المعلوماتي أيضا إلى نقص في تطبيق العلوم وتبادل الأفكار العملية بين الطلبة ومدرسيهم بل ويتسبب حتى بخنق للإبداع والفردية لدى المتعلمين عند الاعتماد الكلي عليها؟

إن التأمل الجدير بالذكر هنا يكمن فيما إذا كان هدفه الرئيسي - نقل المعارف والمعتقدات عبر آلات ذكية - فعلا يحقق العدالة العلمية والحقيقة المثالية للمجتمع الحديث أم لا.

لقد غرس التاريخ الدروس بأن كل تقدم علمي له جوانبه الإيجابية والسلبية وقد يدفعنا الآن لاستكشاف كيفية الجمع بين أفضل مزايا الآلات الذكية وأثر التدريس التقليدي الغني بالتفاعلات الإنسانية لبناء نظام تعليمي متوازن ومتكامل.

بغض النظر عن الجانب الأخلاقي والثقافي لهذه المسألة، ستحتفظ العلاقة بين البشر وسعيهم للتحصيل المعرفي دوما بمكانة مميزة ولا تنازع فيها تكنولوجيا عصبية شديدة التقدم مهما بلغ تأثيرها وقوتها.

لذلك دعونا نحافظ دائما على توازن يضمن تزويد طلابنا بكل ما يحتاجة العالم الحديث بالإضافة إلى حفاظنا أيضاً على جوهر تجارب التعليم الأصيلة والتي لا تساوم أبدا على فهمنا لماهية الذات الإنسانية وغاية وجودها ضمن السياق الأكبر لأطر مجتمعية وعائلية رحبة تستحق القبول والإعجاب!

.

1 Comentários