إذا ارتكب مسلم جريمة قتل أخرى عن طريق الخطأ - مثل حادث سير حيث لا يوجد نية مبيتة للإيذاء - فإنه يُلزمه شرعاً بمجموعة من الواجبات تعرف باسم "الدية" و"الكفارة". هذه الأحكام مستمدة من آيات القرآن الكريم وتعاليم النبي محمد صلى الله عليه وسلم التي أكدتها علماء الدين الإسلامي عبر التاريخ.
بالنظر إلى التعاليم الشريفة، فإن هناك اثنين مما يلزم القيام به عند حدوث قتل غير متعمد:
1) **الدية**: تشمل دفع تعويضات مادية تسمى "الدية"، والتي تكون مسؤولية مجموعة الأقارب المقربين للمتهم، المعروفة بالعصابة. يتم تقسيم المسؤولية بشكل عادل بناءً على قرب الشخص وقدرته المالية داخل العصابة؛ بحيث يكون الأقربون والميسورون الأكثر تحملًا للدفع. يشهد جمهور الفقهاء بالإجماع على ضرورة تطبيق هذا الحكم فيما يتعلق بجرائم القتل غير المتعمد أو شبه المتعمد. إلا أنه يستبعد فرض الدية على عصابة المجرم حال تصالح الأفراد الداخلين فيها لتغطية التكاليف أو دعم المتهم مالياً طوعا وخارج الإطار القانوني الرسمي للجهات المختصة بالحكم والفقه الإسلامي العام.
2) **الكفارة**: بالإضافة لدفع الغرامة المالية، يعد أداء نوع آخر من الأعمال الخيرية إلزاميًا أيضًا للمتورط نفسه فقط وليس لعائلته. تتضمن تلك المكافأة تحرير عبيد حرية المؤمنين, وفي حالة عدم القدرة عليها، يمكن التفادي باتباع نظام البديل ويتمثل بصوم لمدة شهرين كاملتين متتاليتان بدون انقطاع كمظهر للتوبة والاستغفار أمام الرب الرحيم وللاستفادة بالنفحات الروحية المرتبطة بذلك الأمر المقدس. وهذا واضح ضمن النص القرآني التالي:" وما كان لمن مؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصطلحوا.." (الأحزاب:92). وبالتالي تبدو أهميتها واضحة لدى المجتمع الإسلامي منذ القدم لما تحمله ذاك العمل النبيل من مضمون عميق يعكس رحمة ديننا الحنيف وسعة صدره تجاه مخالفاته البشرية المحتملة والحتمية تحت ظل قدر الإنسان وعقلانية الخالق عز وجل الذي يحسن الظن بحقيقة نواياه الطيبة حتى وإن جاء بالفعل خلاف توقعات الجميع.
لقد تم توضيح تفاصيل أكثر عن هذين النوعين من العقوبات الجزائية وغير الجزائية خلال الفتاوى المختلفة المنتشرة حديثا وسط العالم العربي والإسلامي وذلك بهدف نشر المزيد الفهم والتأكيد على دور العدالة الاجتماعية المستند للقانون الطبيعي المبني أساسه على أحكام الكتاب والسنة المطهرة.