يمكن للمصلِّين الذين يؤدون صلاة التراويح خلال شهر رمضان الكريم قراءة نفس السورة مرة أخرى دون أي مانع شرعي؛ حيث يُعد هذا الفعل أمرًا مباحًا ومتاحًا وفقًا للشريعة الإسلامية. يأتي هذا الاستنتاج بناءً على عدة أدلة قرآنية وسُنة نبوية توفر مرونة وتشجع تنوع الأساليب أثناء أداء هذه الشعيرة العزيزة.
ففي الحديث الشريف الذي رواه معاذ بن عبد الله الجُهني، ذكر رجلاً من جهينة أنه سمع النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ سورة "إذا زلزلت الأرض" مرتين، في كلتا ركعتي صلاة الفجر. ويعرب بعض العلماء عن عدم معرفتهم إن كانت تلك الإعادة تعود إلى نسيه أم أنها فعلها عمدًا وبالتالي تعتبر جائزة للأمة المسلمة. ويذهب البعض الآخر إلى تأويل كون ذلك دليلاً على جواز القراءة المتكررة لنفس السورة سواء داخل الركعات المختلفة أو даже ضمن ركعة واحدة، مما يدعم مبدأ المرونة والتعدد عند اختيار ترتيل آيات القرآن الكريم.
وتؤكد سنة أخرى لهذا الموضوع، كما جاء بها الصحابي أبو ذر الغفاري، بأن النبي قد قام بترديد واحدة من الآيات حتى طلوع الشمس، وهي "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم". بينما يكشف لنا حديث آخر كيف شجع رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم رجلًا كان يقوم بالترديد المستمر لسورة الكوثر "قل هو الله أحد"، مؤكدًا فضلها الكبير قائلاً إنها تساوى ثلث القرآن كله.
وفي نهاية المطاف، يشجع الدين الإسلامي بشدة على حرية الاختيار والاستمتاع بالتنوع أثناء تلاوة القرآن الكريم. ومع مرور الزمن، ازداد فهمنا لهذه الحرية، وأصبح لدينا تمكين أكبر لتفسير النصوص واستنباط الأحكام منها بطرق مختلفة ولكن دائمًا ملتزمين بالأصول العامة للدين القائم على الرحمة والفهم العميق للقيم الإنسانية. لذا، يمكن لكل فرد أن يستمتع بحرية اختيار كيفية ومقدار استخدام الوقت المخصص لقراءة القرآن خلال صلاته اليومية وصلاة التراويح الخاصة برمضان المبارك.