في ظل طبيعة وظيفتك كمحاسب، والتي تتضمن مساعدة أصحاب المطاعم وغيرها ممن يتعاملون بالربا، يجب توضيح النقاط التالية وفقًا للشريعة الإسلامية:
1. **عدم المشروعية**: العمل في أي مجال يساعد بشكل مباشر أو غير مباشر على انتشار الأفعال المحرمة مثل التعامل بالربا يعد مخالفًا لتعليمات القرآن الكريم التي تنصح بالتوقف عن التعاون في الظلم والإثم (سورة المائدة الآية 2). ولذا، يُشدد على ضرورة تغيير مهنة الآن لو كانت متضمِّنة لهذه الأنشطة الحرام.
2. **تأثير الفعل على المكسب**: المال المكتسب من الأعمال الحرام يمكن اعتباره "نجسة". لذلك ينبغي للمتوب التخلُّص منها عبر الإنفاق عليها بطرق خيرية أو برٍّ، لكن بشرط أنه ليس بحاجة ماسّة لها؛ وإذا وجدت حاجة ملحة، فقد يتم استخدام القدر اللازم فقط لتلبية تلك الاحتياجات. أما المتبقيات فلابد من التصرف فيها بشكل صحيح، ويمكن الاستفادة منها كرأسمال لسلسلة جديدة من التجارب التجارية المفيدة شرعياً.
3. **احتساب نسبتي الحلال والحرام**: نظراً لقابلية المهنة الموجودة -حيث يوجد جزء حلال وأجزاء حرام منها- فإن أفضل طريقة للتبرئة الروحية هي تحديد مقدار الأموال المرتبطة بالأعمال غير القانونية بدقة والتوقُّف عنها. وفي حال عدم اليقين الدقيق بالنسبة، فمن المستحسن اعتبار خمسة وستين بالمئة من دخلك مصدرًا مشكوكًا فيه ومُحرَّماً بالإسلام، حيث سيضمن لك هذا الأحكام الشرعية المرعية عند اتخاذ القرارات المستقبلية بناءً على حالتكم الجديدة.
4. **اختيار الطريق الجديد**: بمجرد الانتقال لعمل جديد أكثر توافقاً مع القواعد الأخلاقية والدينية، لن تكون هناك عقبات أمام القيام بالحج باستخدام مدخرات سابقتك، إذ ستكون حينئذٍ نقية من آثار القديمة المنقسمة بين الحق والخاطئة.
ختامًا، يبقى الدليل الإجمالي واضحًا وصريحًا بأنه بينما يتعين قبول المسؤوليات المناظرة للقوانين الحديثة لبقاء كيان المجتمعات المتحضرة قائمة وسليمة اجتماعيًّا واقتصاديًا، إلا أنه يبقى لكل فرد مسئوليته الشخصية تجاه تصحيح مساره الخاص والاستقامة باتجاه الحياة الأكثر صلاحًا ورواجًا سعادتيه لدى خالق العالم جل وعلى.
