في السنوات الأخيرة، برزت علاقة مثيرة للاهتمام بين النظام الغذائي والصحة النفسية، وهو موضوع يستحق المزيد من البحث والاستكشاف. تشير العديد من الدراسات الحديثة إلى أن ما نأكله يمكن أن يؤثر بشكل كبير على حالتنا الذهنية ومعنوياتنا العامة. بدءاً من حالات مثل الاكتئاب والقلق وحتى الاضطرابات المعرفية، يبدو أن هناك صلة واضحة ذات اتجاهين.
أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في هذه الرابطة هي تأثير الغذاء على الدماغ والأعصاب لدينا. توفر أجسامنا الطاقة اللازمة لأدمغتنا عن طريق امتصاص المغذيات الحيوية الموجودة في الطعام الذي نتناوله. بعض المواد الكيميائية الطبيعية الموجودة في بعض الأطعمة، المعروفة باسم "الأورجانوسولفات"، تعمل كمواد مضادة للالتهابات وتدعم الوظيفة العصبية الصحية. بالإضافة إلى ذلك، فإن مستويات السكر في الدم المستقرة ضرورية للحفاظ على توازن هرمونات الخلايا العصبية بما فيها الناقلات العصبية مثل السيروتونين والدوبامين - وهي مركبات أساسية لنوعيتنا الشعورية والعاطفية.
على الجانب الآخر، تتضمن الأدلة العلمية أيضا دور البيئة المعيشية والنظام الغذائي المتبع بانتظام فيما يتعلق بالصحة النفسية. الأشخاص الذين يتناولون حمية غنية بالأغذية الصحيّة - والتي تحتوي عادة علي الفواكه والخضراوات والبروتينات الخالية الدهن ومجموعة متنوعة من الحبوب والفاصولياء البحرية وغيرها الكثير – يميلون إلي النتيجة باحترام أعلى لحالة صحتهم النفسية وعافية ذهنيتهم وفق دراسة نشرت مؤخراً حول الموضوع نفسه . وبالتالي ، ربما يكون التحول نحو نمط حياة يعتمد على نظام غذائي متوازن عاملاً محوري لتطور قدرات الإنسان الذاتيه المعرفيه والجسدية أيضاً!
وفي النهاية ، يجب التأكيد هنا بأنه رغم كل الأدلة القويَّة المؤيدة لهذه الفرضية إلا إنها ليست حقيقة مطلقة ولا يجوز تجاهُل تلك الحقائق الأخرى المرتبطه بالحياة المنزلية والثقافة الاجتماعية والتجارب الشخصية وغيرها كثير مما يعد جزء حيوي ضمن منظومة عوامل مختلفة تؤثِّر كذلك بصورة غير مباشره نسبياً ولكنها ليس بعيده تماما بشأن الصحة النفسيَّة الإنسانية ! فلابد إذَنَّ من تقييم شامل لكلتا المجالات (العلمي والشخصي) حتى يتمكن المرء فعلياٌ من تحديد المسار العملي المناسب له ولحالته الخاصة.