إذا كُلف شخص بمهمة حماية مكان حساس أو حيوي، مما يؤدي إلى اضطراره للتغيب عن أداء صلاة الجمعة، فإن هذا الشخص يُعفى من حضور الجمعة ويلزم عليه صلاتها ظهراً وفقاً للأدلة الشرعية. وهذا ينطبق أيضاً حتى لو كانت المسافة بين منزله ومسجد الحي قريبة جداً.
هذه الرخصة مستمدة من تعليمات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والتي تؤكد أهمية تقوى الله قدر المستطاع. فعلى سبيل المثال، جاء في حديث صحيح رواه الإمام أحمد ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أحرق على القوم الذين يتخلفون عن الجمعة بيوتهم". فهذه الآيات والأحاديث تشدد على ضرورة عدم التهاون في أداء فريضة الجمعة إلا عند وجود سبب مشروع يدعو لذلك، كتولي مسؤولية حفظ أملاك المسلمين ومنشآتهم العامة.
وتوضيحاً لهذا الأمر، أجابت لجنة دائمة للإفتاء برئاسة فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله-: عندما يحتاج شخص لممارسة دوره الرسمي خلال ساعات الصلاة الرئيسية لفريض مثل الجمعة، خصوصاً إذا ترتبط هذه الوظيفة بأعمال تتعلق بالأمان العام للدولة مثلاً خدمات الاتصالات والإتصالات اللاسلكية ومتابعة حركة المرور وغيرها من الخدمات الضرورية المتصلة بسير الحياة اليومية لأفراد المجتمع بشكل عام، حينذاك يمكن اعتبار حالة الشخص الخاصة عذراً معقولاً يسمح له بالتخلف مؤقتاًعن الجمع الجماعي والصلاة بدلاً عنها صلاة العصر وحدانية وانتظار الفرصة المناسبة لإعادة تأديتها مرة أخرى ضمن حدود الوقت المسموح بها شرعا. ومع ذلك يجب التأكيد بأنه رغم الحصول علي حق الاستثناء المؤقت بشأن إلزاماته الدينية أثناء فترات العمل الرسمية ملزمة قانونياً, الا انه يبقي مطلوبا تقديم واجبه تجاه مجتمعه بإخلاصه وإتقانه لشغل موقع المسؤولية المنوط به وبالتالي تحقيق توازن مناسب بين متطلبات الدين والنظام الحكومي الذي يعمل تحت مظلته. وفي نهاية المطاف فان الصلاح والخير العمومي هدف جامعة يستوجب التعاطي الذكي والأفعال المستنيرة لتحقيق المصالح المشروعة لكل الأفراد داخل الوطن الكبير وهو الوطن العربي الإسلامي.