التقرير
أصبحت ممارسات اليقظة الذهنية شائعة بشكل متزايد باعتبارها أدوات رئيسية لتحسين الصحة العامة والعافية، بما فيها الصحة النفسية. يشير مصطلح "اليقظة الذهنية" إلى حالة الوعي الحاضر والمستمر الذي يتم فيه التركيز بإيجابية على اللحظة الحاليّة بدون إصدار أحكام عن البيئة المحيطة بنا. هذه الفكرة مستمدة من تقنيات تأمل التأمل الغربي التقليدي وتعاليم البوذية الشرقية.
في السنوات الأخيرة، اكتسبت الدراسات العلمية حول تأثير اليقظة الذهنية على الصحة النفسية زخماً كبيراً. يُظهر البحث أن ممارسة اليقظة الذهنية قد تساهم بشكل كبير في تخفيف أعراض الضغط النفسي والقلق والإجهاد النفسي الذي غالبًا ما يرتبط بالأمراض العقلية مثل الاكتئاب واضطرابات القلق.
على سبيل المثال، إحدى الدراسات التي أجريت عام 2018 ونشرت في مجلة الطب النفسي العام (General Psychiatry) وجدت أن برامج تدريب اليقظة الذهنية يمكن أن تحسن بكفاءة شديدة من نوعية الحياة لدى الأشخاص الذين يعانون من مرض عقلي مزمن. ويشمل ذلك زيادة الشعور بالرفاهية الذاتية وانخفاض مستوى الأعراض المرتبطة بمختلف الحالات النفسية المختلفة.
وقد تم توثيق فعالية اليقظة الذهنية أيضًا فيما يتعلق بتنظيم المشاعر وتحسين العلاقات الشخصية وتعزيز الانضباط الذاتي والتواصل الاجتماعي. وهي تساعد في تنمية قدر أكبر من التعاطف مع الآخرين وتمكننا أيضاً من فهم عواطفنا الخاصة بطريقة أكثر وعياً ودقة.
بالإضافة لذلك، فقد أثبتت اليقظة الذهنية أنها مفيدة جداً في إدارة الألم الجسدي. حيث تعمل على تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع الألم الجسدي، بدلاً من مقاومته أو تجنبه، مما يؤدي إلى تقليل التجربة الذاتية للألم. وهذا له أهميته خصوصاً بالنسبة للمرضى الذين يعانون من حالات طبية طويلة الأمد تتطلب مواجهة مستمرة لهذه الظاهرة غير المرغوبة.
ومع كل هذه الفوائد المحتملة، فإنه يجب التنبيه بأن اليقظة الذهنية ليست حلاً سريعاً لكل مشاكل الصحة النفسية ولا يمكن اعتبارها بديلة للعلاج الطبي المعتاد لحالات الصحه العقليه الخطيرة. ومع ذلك، فهي عنصر قوي عندما تُدمج ضمن نهج شامل نحو الوقاية والعلاج من الأمراض النفسيه. إن تعلم كيفية تطبيق اليقظة الذهنية كجزء منتظم ومتكرر من روتين حياتنا اليومي يمكن أن يحدث فرقاً هائلاً في صحتنا النفسية الشاملة ويقدم دعماً أساسيا للصحة النفسية المستدامة.
