لقد كانت الدراسات حول الفيروسات محور اهتمام العلماء لفترة طويلة بسبب تأثيرها الكبير على الصحة والصحة العامة. ومع ذلك، فإن فهمنا لهذا العالم الصغير المعقد يتطور باستمرار مع كل اكتشاف جديد. أحد المجالات المثيرة للجدل بشكل خاص هو دور الفيروسات في عملية التطور البيولوجي وتغيرات المناخ العالمية.
في السنوات الأخيرة، شهدنا زيادة ملحوظة في عدد الأبحاث التي تشير إلى وجود صلة غير متوقعة بين الفيروسات والتكيف البايلوجي للأنساب المختلفة. وفقًا لدراسة حديثة نشرها فريق بحث دولي بقيادة جامعة كامبريدج، يمكن للفيروسات أن تساعد في تسريع معدلات الانتشار الجيني عبر مجموعات الأحياء الدقيقة والكائنات الحية المتعددة الخلايا أيضاً.
تُظهر هذه النتائج كيف تعمل الفيروسات كوسيلة نقل لجينات جديدة داخل المجتمع الحيوي، مما يؤدي بدوره إلى تغيرات وراثية قد تكون لها آثار كبيرة على القدرة على التأقلم والتزمين الفطري. وهذا يعني أنه ربما كان لهذه القوى الغير المرئية دوراً أكبر بكثير مما كنا نتوقع سابقاً في تشكيل الحياة الحديثة وفي توليف أنواع متنوعة ومختلفة تماماً!
بالإضافة لذلك، هناك علاقة مثيرة للاهتمام بين نشاط الفيروسي وكيمياء الأرض المرتبطة بحالة المناخ. فقد وجد العلماء أدلة تشير إلى ارتباط تاريخي قوي بين ذروة انتشار بعض الأمراض المعدية وبداية فترات تغير حراري هائلة مثل تلك التي حدثت أثناء فترة الانحدار الرباعي (Pleistocene) قبل حوالي ١٢٠ ألف عام عقب آخر عصر جليدي رئيسي.
ربما لعبت موجات العدوى الشديدة المنتشرة عالميًا خلال حقبات الماضي المديد دوراً مهماً في خلق ظروف مناسبة لتغيير النباتات الطبيعية وتوزيعها جغرافياً، ما أثّر بالتالي - بطريقة غير مباشرة وغير معروفة حتى الآن جيدًا–على ديناميكيات غازات الدفيئة والمحيطات والأحواض الهوائية فوق سطح الارض.
هذه الاكتشافات الجديدة ليست فقط مثيرة للإهتمام بالنسبة للحقول التقليدية لعلم الطبية وعلم الوراثة؛ ولكن أيضا تحمل انعكاسات عميقة بشأن كيفية نظرنا للعلاقة بين "الحياة" ومحيطاتها الواسعة المتحول دائما. يجب علينا التعامل مع هذا البحث باحترام كبير وإعطائه المزيد من التركيز العلمي لأنه يفتح أبواباً جديدة وفهم أعظم لأحد أقوى محركتي التحور المستمر : طبيعتينا الداخلية والخارجية .