تعد العوالق النباتية (phytoplankton) مكونات حيوية ونسيجية لنظام الغذاء البحري، وتشكل العمود الفقري لهذا النظام البيئي الكبير والمهم. هذه الكائنات الصغيرة، التي غالبًا ما يتم تجاهلها بسبب حجمها الصغير، تلعب دوراً أساسياً في إنتاج الطاقة في المحيطات. تستخدم العوالق النباتية عملية التمثيل الضوئي لتثبيت الطاقة الشمسية وتحويل ثاني أكسيد الكربون ومياه البحر إلى مواد عضوية، وهي العملية المعروفة باسم "الصورة الزرقاء". وهذا الإنتاج الأولي من المواد الغذائية يوفر الوقود الذي تدعم به جميع الكائنات الحية الأخرى الموجودة في سلسلة غذائية تحت الماء.
تعمل العوالق النباتية كمصدر أساسي للغذاء لكل من الحيوانات المجهرية والكبيرة مثل الفراشيات والقشريات والحيتان حتى بعض أنواع الطيور. بدون وجودها، سوف يتضاءل بنية شبكة الغذاء البحري بشكل كبير وستتأثر حياة العديد من الأنواع بما فيها البشر الذين يعتمدون على الثروات البحرية للطعام والشغل. علاوة على ذلك، تعتبر العوالق النباتية جزءاً حاسماً من دورة الكربون العالمية؛ فهي تساهم بشكل كبير في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون الزائد الناتج عن النشاط البشري مما يساهم بطريقة غير مباشرة في مكافحة تغير المناخ العالمي.
بالإضافة لذلك، فإن تعدد أشكال الأنواع المختلفة للعوالق النباتية يعكس تنوع الحياة البحرية نفسها. كل نوع منها لديه خصائص فريدة تتكيف مع ظروف محددة داخل بيئاته الخاصة سواء كان عمق المياه أو درجة حرارتها أو مستويات إضاءتها وغيرها الكثير. إن فهمنا لعلم الوراثة لهذه الكائنات ودورها داخل الشبكات الغذائية يمكن أن يساعدنا أيضًا في تطوير استراتيجيات جديدة للحفاظ عليها وحمايتها ضد الضغوط البيئية المتزايدة الناجمة عن الانسان والتي تشمل تلوث المياه والتغيرات المناخية.
ختامًا، تُظهر دراستنا للعوالق النباتية أنه رغم صغر حجمها إلا أنها تحمل عظمة كبيرة فيما يتعلق بدورها المحوري ضمن منظومة الحياة الدقيقة للمحيطات. إنها ليست مجرد بناة قاعدة لسلسلتين غذائيتيْن فقط - تلك الأرضية والبحرية - وإنما هي أيضاً عامل رئيسي في مواجهة تحديات الصحة العامة للأرض وظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.
