تعد قناة السويس أحد أهم الممرات المائية في العالم، وتقع بين البحر المتوسط والبحر الأحمر. هذه القناة الضخمة التي تربط هذه البحار هي جزء لا يتجزأ من شبكة النقل العالمي، مما يجعل منها جسراً هاماً للتجارة الدولية. تمتد القناة لأكثر من 190 كيلومتراً عبر شبه جزيرة سيناء في مصر، وتشكل طريقاً مباشراً بين أوروبا وآسيا والقارتين الأمريكيتين.
معظم الرحلات البحرية التجارية حول العالم تمر بالقرب من مضيق جبل طارق أولاً لتصل إلى البحر الأبيض المتوسط قبل عبور قناة السويس للوصول إلى الشرق الأقصى وأستراليا والمحيط الهادئ. هذا الطريق قصير نسبياً مقارنة برحلة الذهاب جنوبا حول رأس الرجاء الصالح، ولذلك فإن قناة السويس تلعب دوراً حاسماً في اقتصاديات العديد من الدول والشركات.
تم افتتاح قناة السويس الأصلية عام 1869 بعد سنوات طويلة من الحفر تحت إشراف الفرنسي فرديناند دي لسبس. بدأت أعمال التوسعة والتحديث منذ ذلك الوقت حتى يومنا هذا بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية للقناة وزيادة سرعة مرور السفن العابرة لها. كان آخر توسع كبير هو مشروع "القناة الجديدة"، والذي بدأ العمل فيه سنة ٢٠١٤ وتم الانتهاء منه في أغسطس ٢٠١٥ بتكلفة تقدر بحوالي ست مليارات دولار أمريكي. هدف المشروع كان إنشاء مسار ثانٍ موازٍ للمجرى الحالي بهدف تخفيف الازدحام وتسهيل حركة المرور خلال ساعات الذروة.
كما أنها تشغل مكانة استراتيجية كبيرة نظرًا لموقعها الجذري عند مدخل خليج السويس، وهو ما جعلها عرضة للاستخدام كرمز سياسي ومورد عسكري حيوي لكثير من القوى الدولية المختلفة عبر التاريخ. وفي حين كانت دائما ذات أهمية تجارية بسبب قدرتها على الاختصار لساعات الطرق الطويلة، إلا أنها اكتسبت أيضًا دورًا دبلوماسيًّا ودفاعيًا مهمًا بشكل متزايد مع تغير العلاقات السياسية الإقليمية والدولية.
وفي النهاية، تبقى قناة السويس رمزًا قويًا لقوة الهندسة البشرية والتعاون الدولي رغم كل التحديات والعواقب غير المتوقعة التي قد تواجهها مثل الحوادث والإغلاقات المفاجئة المرتبطة بالحروب والصراعات المحلية. إنها شاهدة غير مرئية ولكن مؤثرة للغاية على الروابط الاقتصادية والثقافية بين مختلف مناطق العالم.
