لم يكن تحريف الإنجيل مجرد حدث عشوائي، بل كان جزءًا من خطة أسمى من خلق الله. وفقًا للقرآن الكريم، وكّل الله حفظ التوراة والإنجيل إلى علمائهم ورهبانهم، كما جاء في الآية الكريمة: "إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء" (المائدة: 44).

ومع ذلك، لم يتكفل الله بحفظ هذه الكتب بنفس الطريقة التي تكفل بها بحفظ القرآن الكريم. وراء هذا القرار بعض الحكمة العميقة:

1. **القرآن الخالد**: أراد الله أن يبقى القرآن الكريم هو الكتاب الخالد والشريعة الباقية إلى يوم القيامة، كما جاء في الآية الكريمة: "وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ" (المائدة: 48). وبالتالي، لم تكن هناك حاجة لحفظ الكتب السابقة وتخليدها، خاصة وأن عهد القرآن قريب من عهد الإنجيل، حيث لا يفصل بينهما سوى ستمائة عام.

2. **اختبار المؤمنين**: كان في ذلك اختبارًا للذين أوتوا الكتاب، هل سيقومون بدورهم في حفظ الكتاب؟ وهل سيؤمنون بما جاء فيه؟ وهل سيقبلون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل؟ أم سيصروا على عنادهم، فيقومون بالتحريف والكتمان والتزوير؟

3. **بلاء للنصارى**: وفي ذلك بلاء لكل أتباع الديانة النصرانية إلى يوم القيامة. فهم يرون كتابهم الذي يؤمنون به لم يسلم من يد التحريف أو التشكيك أو الضياع، بينما يرون كتاب خاتم الرسل محمد صلى الله عليه وسلم محفوظًا متواترًا لا يشك أحد في صحته. وهذا قد يكون دافعًا لهم إلى الإيمان بالكتاب المبين - القرآن الكريم.

تعاليم المسلمين قبل الإسلام

قبل مبعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كان الناس في الجاهلية على الشرك والوثنية. ولم يكن لأغلبهم دين متبع ولا شريعة محترمة. ومع ذلك، اتبع بعضهم شريعة المسيح عليه السلام، مثل ورقة بن نوفل. كما كان هناك من كان حنيفًا على دين إبراهيم، يجتنب الشرك والأوثان