قد يندهش بعض المسلمين عندما يسمعون بأن هناك من يدعي أن صيام يوم عرفة ليس مستحبًا إلا للحجاج فقط، وأن غير الحجاج ليس لهم الحق في صيامه. ولكن هذه المعلومة خاطئة إلى حد كبير، حيث تؤكد النصوص الشرعية وتوافق الفقهاء على استحباب صيام يوم عرفة لجميع المسلمين، سواء كانوا حجاجاً أو لم يكونوا كذلك.
لقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أكد فضائل صيام يوم عرفة، إذ يقول أبو قتادة رضي الله عنه: "سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والباقية"، وروى مسلم (1162) أيضاً حديث آخر يقول فيه: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده". وهذا يعني أن صيام يوم عرفة له مكانة خاصة وتميزه عن باقي الأيام الأخرى بالحسنات والثواب الكبير.
وقد اتفق فقهاء المذاهب المختلفة - المالكيّة، والشافعيّة، والحنبليّة، والحنفيّة- على الاستحباب العام لصيام يوم عرفة بالنسبة لغير الحجاج. ومع ذلك، إذا اعتبر الحاج هذا الصوم يشغله عن أداء واجبات الوقوف ودعاء الله خلال اليوم المبارك، فإنه يستحب له الفطر لهذا الغرض. أما لو لم يكن الصوم يؤثر على قدرته على الوضوء والدعاء بشكل فعلي، فهو جائز ولكنه أقل استحباباً بسبب أهمية الدعاء أثناء الوقوف بعرفة.
وفي النهاية، تجدر الإشارة إلى كلام العالم الموثوق به الشيخ ابن عثيمين الذي نفى بشدة مزاعم البعض حول تحريم صيام يوم عرفة لغير الحجاج. لذا يمكن القول بثقة وبناءً على الأدلة الشرعية والنصائح المستمدة منها أن صيام يوم عرفة مستحب لكل مسلم بغض النظر عن حالته الحجيجية، طالما لا يعيق عملية أدائه لعبادات أخرى مهمة مثل الدعاء أثناء الوقوف.