في أعماق التاريخ القديم، تقع واحدة من أروع الحضارات الإنسانية؛ حضارة مصر القديمة التي برزت كإنجاز إنساني استثنائي. هذه الحضارة العريقة قد تركت لنا تراثاً غنياً ومذهلاً يعكس براعة المصريين القدماء وتقدمهم العلمي والثقافي والفني. إن الحديث عن هذا الماضي المجيد يبدأ مع أول ظهور للبيئة الصحراوية القاسية منذ حوالي خمسة آلاف سنة قبل الميلاد. هنا، بدأ البشر في التدافع نحو النيل بحثاً عن الأرض الخصبة والمياه اللازمة للحياة. كان هذا بداية لمجتمع ريفي بسيط يتحول تدريجيا إلى مجتمع مزدهر ومديني متطور خلال عصر ما قبل الأسرات (حوالي 3200 ق.م).
خلال فترة الدولة القديمة (حوالي 2686 - 2181 ق.م)، حققت مصر تقدماً هائلاً تحت حكم الأسرة الثالثة والخامسة. شهد هذا العصر بناء الأهرامات الشهيرة مثل هرم خوفو المعروف أيضاً باسم "الهرم الأكبر"، وهو واحد من عجائب الدنيا السبع المبكرة الذي مازال قائماً حتى اليوم بفضل هندسته المعمارية الرائعة وقدرتها التصميمية الاستثنائية. بالإضافة للأعمال الهندسية الضخمة، قام الفنانون المصريون بإنتاج أعمال فنية ومعمارية ذات مستوى عالٍ للغاية، مما يدل على معرفتهم الغنية بالأشكال والألوان والنسب الجمالية.
مع بدء عصر الدولة الوسطى (حوالي 2055 - 1650 ق.م)، بدأت المجتمع المصري يشهد تغييراً جذرياً بسبب مجموعة من الظروف السياسية والتجارية الداخلية والخارجية. لكن رغم ذلك، حافظ المصريون على سحرهم الثقافي وفنونهم البارزة. كانت الفترة الأكثر شهرة ضمن هذا العصر هي فترة الملك أمنحتب الأول، والتي تعتبر ذروة الفن المصري القديم حيث انتشرت فنون التمثال والحفر في كل مكان سواء داخل معابد الآلهة أم خارجها بين المواطنين الأعاديين لها.
وفي نهاية المطاف، دخل المصريون عصر جديد تماما عندما سيطر الهيكسوس ("ملوك الرعايا") الذين أدخلوا تقنيات جديدة لتدريب الجيش والاستخدام الواسع للمركبات الخفيفة المحركة بواسطة الخيول وهي تكنولوجيا غير مألوفة بالنسبة للسكان الأصليين آنذاك. ولكن سرعان ما تمكن الفرعون تحتمس الثالث من طرد هؤلاء المحتلين بعد قرن ونصف القرن فقط ليُعيد بذلك مجدا المملكة المصرية مجدداً ويُطلق عليه اسم "الفاتح الكبير".
استمرت الأمبراطورية المصرية الجديدة (حوالي 1570 - 1075 ق.م) لأكثر من ثلاثة قرون وكانت عصراً ذهبياً آخر للشعب المصري. فقد شمل هذا الوقت العديد من الإنجازات المهمة بما فيها تطوير نظام كتابي شامل وإرساء قوة تجارية عالمية جعلت مينائهما الرئيسي "مرسى مراكز التجارة الدولية الرئيستين لهما وهما الشام وفلسطين." بالإضافة لذلك، ظهر اثنان من أشهر فراعنة تلك الحقبة وهم الملك أحمس الأول مؤسس الدولة الحديثة والذي نجح في توحيد البلاد مرة أخرى بينما تبقى صورة رعنهوتب الثاني معروفة بشكل خاص بسبب حبه للتواصل الكتابي والسجل الدقيق لحكمه الطويل المدى والذي امتدت لفترة طويلة بلغ عمرها ثلاث وستين عاما تقريبا!
ومع حلول عصر الدولة المتأخرة (حوالي 1075 - 332 ق.م)، خضع العالم المصري لسلسة من التحولات الاجتماعية والشروط الاقتصادية المتغيرة بشكل عميق والتي أثرت بصورة كبيرة على بنيته الاجتماعية التقليدية وعلى مستويات التبادلات التجارية كذلك. وقد تضمنت هذه المرحلة الأخيرة بعض اللحظات الملفتة للإنتباه كمقاومة الشعب ضد الصعود المستمر للقوى الخارجية المؤثرة عليها مثلهم مثالا مثالا مثلّ المقدونيّة والعالم اليونايني عامة تحت زعامة البطليموسيون الذين أصبحوا فيما بعد أحد حاكم مصر التالي وذلك عقب انهيار الامبراطوريه الأخمينية بقيادة اسطوري فارس داراي الاول .
إن رحلة الشعوب المصرية عبر الدهور مليئة بالروايات المثيرة والإكتشافات العلمية العديدة حول الحياة البدائية البدائية للناس اولى اجيالها وانتهاء بمولد الامبراطورية الرومانية وعاصمتها الاسكندرية العملاقة والمعروفة بعلميتها وحضارتها المكتظة بالسكان وبكونها مركزاً للعلم والثقافة والفنون... إنها قصة تستحق التأمل مليّا بكل جوانبها المختلفة فتذكر بأن تاريخ حضارات الأمم مهما تعددت نماذجه وشكلاته إلا أنه يبقى شاهدا حيّّا علي انجازات الإنسان وماضي عظمه بغض النظرعن مدى تقدم او تخلف اي شعب فهو دليل واضح وصريح علي قدرته علي الاجتهاد والصمود امام محن زمانه وظروف بيئته !