في رحلة التاريخ العلمي الطويلة، لعبت الحضارة العربية والإسلامية دورًا بارزًا ومؤثرًا للغاية في تطور العلوم، بما فيها الرياضيات. أسهم العديد من العلماء المسلمين البارزين بشكل كبير في تطوير النظريات والمبادئ التي ما زالت تشكل أساس المعرفة الرياضية الحديثة حتى يومنا هذا. سيتناول هذا المقال بعض المساهمات الرائدة لهؤلاء العلماء وكيف أثرت أعمالهم على العالم اليوم.
## الخوارزمي والدوال الجبرية
كان محمد بن موسى الخوارزمي (780 - 850 ميلادي) عالم رياضيات وفلكي ومساح عربي مسلم ولد في بخارى (في أوزبكستان حاليًا). يُعتبر أحد رواد الرياضيات الغربيين بسبب كتابه "الجبر والمقابلة"، والذي قدم فيه أول نظام شامل لحل المعادلات الخطية والتربيعية. أدخل مصطلح "الجبر" الذي أصبح اسمًا للفرع كله من الرياضيات الذي يتعامل مع حل هذه الأنواع من المعادلات. بالإضافة لذلك، طور طريقة حساب اللوغاريتمات والتي كانت لها تطبيقات هامة خاصة أثناء التنقل البحري.
## ابن الهيثم وإسهاماته البصرية
ابن الهيثم (965 - 1040 ميلادي)، والمعروف أيضًا باسم ألبرتوس ماجنوس في أوروبا، كان فلكيًا وفيزيائيًا وعالم بصريات عربي مسلم من بغداد. يعتبر مؤسس علم البصريات التجريبية الحديث. نشر كتابه الشهير "المناظر" عام 1021 م، حيث شرح مفهوم الضوء المرئي وأوضح أن العين هي مصدر الرؤية وأن الأشياء تنعكس الصورة عليها وليس للعين القدرة على رؤية أشياء بعيدة جدًا دون انكسارات الضوء عبر وسط شفاف مثل الماء الزجاج وما إلى ذلك.. وقد مهد عمله الطريق لفهم أعقد مفاهيم الفيزياء الحديثة.
## ألبيروني وخرائط المنطقة والجغرافيا
عبد الرحمن بن عمر بن أحمد الصوفي، المعروف باسم ألبيروني (حوالي 973 – 1048)، كان عالم جغرافيا وجغرافيا وحساب واتحاديات نجوم ورياضيات فارسيّ الأصل عاش معظم حياته في العراق خلال فترة الدولة الفاطمية ودولة آل سامانيون والفاطميون والحمدانيون. ترك ديواناً ضخمًا يحتوي على ستة مجلدات تسمى "القانون في الجغرافية". وهو عمل ذو قيمة كبيرة يستعرض طرق تحديد مواقع المدن والأماكن الأخرى باستخدام طرائق هندسية رياضية دقيقة جداً. استخدم نتائج محاسبة الظواهر الفلكية كالابراج والكواكب لتحديد خطوط الطول والعرض الدائري للأماكن المختلفة حول العالم آنذاك مما سهّل عملية رسم خرائط فريدة ومعبرة عن تلك الفترة الزمنية بوضوح دقيق لم يكن موجودا قبلها بكثرة التفاصيل.
لقد برهن هؤلاء العلماء وغيرهم الكثير ممن ينتمون لهذه الحضارة الذكية بأن الإبداع والتقدم ليس حكرًا لأي شعب محدد وإنما مفتوحة أمام الجميع بإمكاناتها الشاملة الواعدة بالاستمرارية المستقبلية بالإنتاج المعرفي الثري المثابر متجدد الشراكات العالمية القائمة منذ عصور قديمة مستمرة الآن بدقة ملفتة! إن جهودهم المشتركة تساهم بطريقة غير مباشرة ولكن فعالة جدًّا بمجالات عدة منها الطب الهندسة والصناعة وكذلك التعليم والبحث العلمي الحالي الحالي سواء داخل العالم العربي أم خارجه. حققت بحوثهم نموات حضارية واسعة الانتشار بالعالم المتحضر ولم تغفل أبدا أصلهم الوحدَوي الأصيل رغم مرور القرون واختلاف البيئات الاجتماعية والثقافية المختلفة بين الأعوام السباقة لهذا النهضة الجامحة لتاريخ البشرية جمعاء!