تلعب الصناعة دورًا حاسمًا في اقتصاد روسيا، فهي تشكل العمود الفقري للتنمية الاقتصادية والتقدم الوطني. تتمتع البلاد بتاريخ غني ومتنوع في مجال التصنيع يعود تاريخه إلى الحقبة الإمبراطورية الروسية وحتى العصر الحديث اليوم. تعد روسيا دولة متعددة الأقطاب الصناعية، وتنقسم صناعاتها بشكل رئيسي إلى قطاعات مختلفة مثل الطاقة، والمواد الخام، والصناعات التحويلية، وإنتاج المعدات الثقيلة والبنية التحتية.
في قطاع الطاقة، تحتل روسيا مكانة عالمية رائدة كمورد رئيسي للنفط والغاز الطبيعي. تمتلك البلاد ثاني أكبر احتياطي نفطي وثالث أكبر احتياطي غاز طبيعي في العالم حسب بيانات عام 2021[1]. تعمل شركة "روسنفط" و"غازبروم"، وهما شركتان عملاقتان مملوكتان للدولة، كمحركات أساسية لتطوير هذه الصناعة وتصدير منتجاتها حول العالم. كما تساهم مشاريع الطاقة النووية مثل بناء المحطات نووية نووية الجديدة واستخدام تقنيات الجيل الرابع المتقدمة في تعزيز موقع روسيا الاستراتيجي في سوق الطاقة الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر صناعة المواد الخام جزءًا حيويًا آخر للاقتصاد الروسي. تستفيد البلاد من موارد معدنية هائلة بما فيها الحديد والفوسفات والألومنيوم والكوبالت وغيرها الكثير والتي تستخدم أساسًا لإنتاج الفولاذ والمعادن عالية التقنية التي تدخل بدورها في مختلف القطاعات الصناعية الأخرى. وعلى الرغم من تحديات السوق العالمية، تضمن الحكومة دعم هذا القطاع عبر سياسات تنشيط استخراج المعادن وتحسين تكنولوجيا إنتاجها للحفاظ على قدرتها التنافسية وتمكين الشركات العاملة فيه من تحقيق الربحية المستدامة.
بالانتقال إلى صناعة المنتجات النهائية ذات القيمة المضافة الأعلى، فإن القدرة التصنيعية لروسيا ملحوظة أيضًا نظرًا لقدرتها على تصنيع مجموعة واسعة من البضائع. تلعب شركات السيارات ودوائر الإلكترونيات دوراً مهماً هنا؛ فقد حققت السيارات الروسية زيادة مطردة للإنتاج خلال الأعوام الأخيرة بينما قامت الشركات المصنعة للأجهزة المنزلية والإلكترونية بتوسيع نطاق تواجدها العالمي. علاوة على ذلك، يعد تطوير المواهب الهندسية وتعزيز البحث العلمي أمرين أساسيين ضمن خطط الدولة الطموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتنافسglobally in high-tech products such as drones, robotics, and aerospace technologies.
وفي سياق ذي صلة، يستعرض قطاع البناء والتشييد وجه آخر للقوة الصناعية الروسية. يساهم إنشاء المشروعات الضخمة للمرافق الرياضية والحضرية ومجمعات البيوت الحديثة إضافةً لمراكز التسوق والمكاتب التجارية – وهو مشروع مستمر منذ دورة الألعاب الأولمبية للشباب 2014 وأوليمبياد سوتشي الشتوية وما بعدهما - إسهامَا كبيرَا فِي خلق فرص العمل وبناء بنيان قوي لبنية تحتية حضارية متوافقة مع أعلى مواصفات معاصرة للسكن والعيش الآدمي الكريم.
وعلى مستوى السياسات الحكومية الداعمة لهذه القطاعات المختلفة، تولي السلطات المركزية اهتماماً متزايدا بتحديث قوانين الضرائب وجاذبية بيئة الأعمال وخلق ثقافة ريادة أعمال محفزة وفعالة مستندة لرؤية طموحة طويلة المدى تحث كافة روافد المجتمع على المساهمة بإيجابية نحو رفد عجلة التنمية بمختلف مظاهرها سواء كان ذلك بغرض تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين أم خدمة مقاصد وطنية سامية تتعلق بالحضور الدولي المؤثر للبلاد وصيانة الأمن القومي والاستقرار الاجتماعي داخل الحدود نفسها. وفي خضم كل تلك العوامل مجتمعة يمكن تقدير مدى أهميتها جميعا فيما يخص ترسيخ مكانتها بين أكبر الدول تنافسياً واقتصادياً وحضورا دوليًا مؤثّرا بلا منازع.
المراجع: [1] BP Statistical Review of World Energy June 2022