مع استمرار تقدم مجال الذكاء الاصطناعي (AI)، ظهرت تقنيات جديدة جذبت اهتماماً واسعاً لما لها من فوائد محتملة في مختلف القطاعات بما فيها التعليم والتدريب. واحدة من هذه التقنيات التي اكتسبت شعبية متزايدة هي تكنولوجيا الواقع المعزز (AR). هذا النوع من التكنولوجيا يجمع بين العناصر الرقمية والعالم الحقيقي لتوفير تجارب غامرة ومباشرة للمستخدمين. دعونا نستعرض بعض التطبيقات الأكثر إثارة للإبداع والتي تُظهر كيف يمكن لهذه التقنية التأثير بشكل كبير على الطريقة التي نتلقى بها التعليم وننمي المهارات العملية.

الواقع المعزز في التعليم

في بيئات التعلم التقليدية، غالبًا ما يكون أمام الطلاب تحديات كبيرة عند محاولة فهم المفاهيم المجردة ثلاثية الأبعاد مثل بنية الخلية، أو سلوك الأجرام السماوية، أو حتى العمليات الفيزيائية الدقيقة. هنا يأتي دور الواقع المعزز كأداة قيمة. باستخدام برامج AR المناسبة، يمكن للطلاب "رؤية" هذه المفاهيم على المستوى الجزيئي أو المجري الفعلي، مما يعزز فهماً عميقاً ودقيقاً للأمور الصعبة.

على سبيل المثال، قامت عدة مدارس بدمج أدوات AR في دروس الرياضيات. بدلاً من مجرد رسم المثلثات والدوائر على الورق، أصبح بإمكان الطلاب الآن بناء نماذج ثلاثية الأبعاد وتدويرها وتحليل زواياها جنباً إلى جنب مع القياسات الأخرى بطرق كانت مستحيلة سابقاً. وهذا ليس فقط يساعد في ترسيخ النظريات ولكن أيضاً يحول عملية التعلم إلى مغامرات ممتعة ومتفاعلة.

الواقع المعزز في التدريب المهني

وفي سوق العمل اليوم، فإن القدرة على الحصول على تدريب عالي الجودة قبل الانخراط في وظيفة جديدة أمر بالغ الأهمية خاصة للوظائف ذات الطبيعة المعقدة والمفصلة مثل الطب والبناء والصيانة الهندسية وغيرها الكثير. تعديل الواقع المعزز طريقة فعالة جدًا لتحقيق ذلك لأنه يسمح بتقديم سيناريوهات واقعية للغاية للمتدربين الذين يستطيعون ممارسة مهاراتهم الجديدة عبر استخدام معدات افتراضية تشبه تلك التي سيواجهونها لاحقًا أثناء الشغل فعليًا.

إحدى الأمثلة الرائدة لهذا التطبيق هي استخدام نظارات واقع معزز في عمليات البناء لإرشاد العمال حول كيفية تركيب قطع الآلات الثقيلة بكفاءة ودقة عالية بدون أي مخاطر تتعلق بالأمان المرتبط بالحوادث المحتملة خلال المحاولات التجريبية الأولى. وبالمثل، يتم توظيف تقنيات مماثلة في مجالات أخرى كالطب حيث يمكن للطالب دراسة التشريح البشري بكل تفاصيله ثم القيام بخيوطة خلوية افتراضية للجروح تحت إشراف طبيب رقمي ذكي يعمل كمدرس افتراضي.

إن الإمكانات الواعدة للتطبيقات المتنوعة للواقع المعزز ليست فقط تقدماً هائلاً لكنها أيضًا جزء أساسي ضمن مسار التطور نحو مجتمع قائم أساساً على الاعتماد الكبير على الذكاء الصناعي بهدف تحقيق مستوى أعلى من الربط بين العالمين -العالم الحقيقي والنطاق الافتراضي-. إن الجمع بين هذين العنصرين قد يؤدي إلى تحولات ثقافية جوهرية توسّعه دائرة تأثير الثورة الرقمية لتصل لكل جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية بالإضافة لحقول العلم والمعرفة المختلفة.