في الإسلام، يُعتبر القذف جريمة خطيرة بموجب كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد قرن القرآن الكريم العقوبة بهذا العمل الشنيع بثلاث عقوبات؛ الجلد، حرمان قبول الشهادة، ووصفه بالفسق. حيث يقول تعالى: "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون* إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فأولئك الله غفور رحيم" (النور: 4-5).
حد القاذف كما اتفق عليه الفقهاء هو الجلد الثمانون إن كان ذا كرامة، سواء رجل أو امرأة. ومع ذلك، فإن هناك مسألة حساسة تتعلق بقبول شهادتهم بعد التوبة. هنا تكمن الاختلاف بين العلماء حول مدى تأثير هذه الخطيئة على قدرتهم المستقبلية للشهادة.
يتفق معظم علماء الدين مثل مالك والشافعي وأحمد على إعادة قبول شهادة القاذف المتائب والمستقيم. وذلك استنادًا لنظريات عدة: أولها أن التوبة تمحي كل الذنوب والمعاصي التي سبقتها، مما يعني حذف أثاره السلبيّة أيضًا -كالمنع من أداء أدوار مهمة اجتماعيًا مثل الشهود-. ثانيًا، التأكيد بأن منع قبوله لشهادته مرتبط باستمرار فسقه وتمسكه بالقذف، وهو ما يمكن رفعه بالتوبة والاستقامة. أخيرًا، قصة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب حين أمر بتقبل شهادتيَّ شخص اتّهم المغيرة بن شعبة بالحرام عقب جلدّهما لحصولهما للتوبة.
خلاصة الأمر، حال تاب القاذف حقّا واستقامت حاله باتقائه وعفته وخلو قلبه من تلك الرذيلة، تسقط جميع العقوبات السابقة ويصبح مؤهلٍ لإداء دوره الطبيعي داخل المجتمع المسلم كمخبر وحامل للأمانة الحميدة بإعطائه الحق فيما يشهد عليه لاحقا وفق ظروف ملء الموازين الشرعية الأخرى للحكم بشهاداته أيضا.