تعتبر الغابات المطيرة الاستوائية أحد النظم البيئية الأكثر تنوعاً وحيوية على كوكبنا، ولعب دوراً حيوياً في تنظيم مناخ الأرض عبر التاريخ. هذه النظم البيئية التي تمتد عبر المناطق المدارية الحارة مثل أمريكا الجنوبية وآسيا وأفريقيا تعتبر بمثابة "رئتي" العالم الأمثل لإنتاج الأكسجين وتقديمه للغلاف الجوي للأرض. بالإضافة إلى ذلك، فهي تعمل كمخزن كبير للكربون الذي يتم امتصاصه من الغلاف الجوي أثناء عملية البناء الضوئي.
بالنظر إلى العواقب الخطيرة لتغير المناخ الناجمة عن انبعاثات الغازات الدفيئة، أصبح فهم كيفية استخدام الغابات المطيرة لموازنة الانبعاثات البشرية أمرًا حيويًا. تقارير البحث الحديثة تشير إلى أن استقرار الغابات المطيرة والاستمرار فيها يمكن أن يساهم بشكل كبير في الحد من آثار الاحتباس الحراري العالمي.
إحدى الدراسات الأخيرة وجدت أن غطاء الأشجار الكبير لهذه الغابات يساعد في تعديل درجات الحرارة المحلية من خلال توفير الظل وزيادة معدلات التبخر. وبالتالي تساهم في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بطرق متعددة: أولاً، عندما تتعرق النباتات وتفقد الماء (عملية تُعرف بالترانسبيراتيون)، فإنها تطلق بخار الماء إلى الهواء مما قد يؤدي إلى تخفيف تأثير الجزيرة الحرارية الحضرية - وهي زيادة غير طبيعية في درجة حرارة المدينة بسبب المباني والجدران الخرسانية وغيرها من المواد الاصطناعية التي تمتص الشمس بدلاً من عكسها مرة أخرى إلى الفضاء.
ثانياً، تلعب الغابات المطيرة دورًا رئيسيًا في دورة المياه العالمية. وذلك لأنها تساعد في إعادة تدوير مياه الأمطار عبر الترشيح الطبيعي للمياه ثم إطلاق جزء منها مرة أخرى إلى الهواء، وهو ما يدعم نمو المزيد من النباتات ويقوم بإعادة تزويد مسارات الرياح بعناصر ضرورية لتحقيق توازن طاقة كوكبنا بشكل عام.
أخيراً وليس آخرًا، تحتوي جذور أشجار الغابات المطيرة والبنية تحت أرضية تلك الغابات على قدر هائل من الكربون المحتجز والذي يمثل بنسبة كبيرة حوالي ثلاثين بالمئة من كل الكربون المخزن فوق سطح الأرض ضمن أنظمة بيئية برية فقط! وهذا يعني أنه حتى لو تم قطع الأشجار نفسها، فستظل كميات كبيرة من الكربون عالقة داخل النظام البيئي نفسه لفترة طويلة جدًا، ربما قرونا عديدة قبل تحررها مجددًا نتيجة للتآكل والحرائق والأحداث الطبيعية الأخرى المؤدية إلى تحلل الرواسب وإطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون.
ولكن هناك مخاطر جسيمة تهدد هذه الخدمة القيمة المقدمة لنا بواسطة الغابات المطيرة: فقدان الأنواع الحيوانية والنباتية بسبب الصيد غير المشروع والتطور العمراني؛ الزراعة غير المستدامة والإزالة المتواصلة لأشجار الغابات بمختلف أساليب الاحتطاب والاستخدام التجاري للشجرة الواحدة; وموجات الجفاف الشديد وحوادث الحريق المرتبطة بها والتي أصبحت أكثر تكراراً حاليا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب وخفض الرطوبة العامة فيه.
إن جهود الحفاظ عليها اليوم هي استثمار مستقبلنا البيئي والاجتماعي والاقتصادي أيضًا، ليس فقط بالنسبة للحاضر ولكن أيضا للأجيال المقبلة، لذلك يجب النظر إليها كمسؤوليتنا جميعا تجاه وطننا الأخضر الوحيد - الأرض.