تعتبر صحة الإنسان مترابطة؛ إذ يؤثر كل جانب منها بشكل كبير على الآخر، بما في ذلك الرابط الوثيق بين الصحة النفسية والنوم. يعد النوم عنصر أساسي للحفاظ على الرفاه العام، ويؤكد العديد من الدراسات الحديثة أن اضطراباته قد تتسبب بمشاكل نفسية مختلفة كالاكتئاب والقلق واضطرابات القلق الأخرى. وفي المقابل، فإن الحالات النفسية غير المستقرة يمكن أيضا أن تنتج عادات نوم سيئة. هذه الحلقة الضارة تشير إلى حاجتنا الملحة لاستكشاف علاقة أعماق داخل نظامنا البيولوجي والصحي.

أولاً، دعونا نلقي نظرة فاحصة على كيف تضر خلل عادات النوم بالصحة النفسية. وفقا للجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA)، يرتبط الحرمان من النوم بمجموعة متنوعة من المشكلات الصحية العقلية. الأشخاص الذين يعانون من قلة ساعات النوم المتواصلة هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة تزيد عن 25%. بالإضافة لذلك، ثبت ارتباط عدم انتظام دورة النوم مع زيادة احتمالية الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة PTSD) والإدمان والكآبة الموسمية Seasonal Affective Disorder(SAD).

ثانياً، عندما نتحدث عن التأثيرات المضادة، أي تأثيرات الأمراض النفسية المختلفة على نوعية النوم، نجد أن الاكتئاب والوسواس القهري OCD هما الأكثر شهرة فيما يتعلق بهذه النقطة. غالبًا ما يستيقظ المصابون بهذه الحالة أثناء الليل ويشعرون بصعوبات في إعادة النوم مرة أخرى بسبب أفكارهم المتداخلة والمستمرة طوال الوقت حتى عند محاولة الاسترخاء قبل الذهاب للنوم. وبالمثل، يشكو الكثير ممن يعانون من الفصام من مشكلات مرتبطة بالنوم مثل الدوار الليلي Sleep Paralysis وجفاف العين الشديد نتيجة للنوم الطويل خلال النهار مما يؤدي بدوره لتدهور مزاج الشخص وتفاقم حالته المرضية الأصلية.

وفي نهاية المطاف، يبدو واضحاً مدى التعقيد المحتمل لهذه الديناميكية التي تربط بين حالتين أساسيتين من جوانب حياتنا اليومية - وهو الأمر الذي يحتم ضرورة التركيز عليه في البحوث المستقبلية حول الطب النفسي والعلاج الطبيعي لحالات مشابهة لهذة الحالة المعقدة نسبياً والتي تحتاج لدعم شامل ومتكامل لتحقيق حالة صحية مستدامة بالنسبة للأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة بهذا المجال الحيوي جداً.