تقبيل الحجر الأسود أثناء الطواف حول الكعبة هو ممارسة متعارف عليها لدى المسلمين منذ زمن الرسول محمد ﷺ. ومع ذلك، قد يشعر البعض بالحيرة بشأن الغرض الفعلي لهذه العادة. وفقاً للمفتي الشهير، الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله-، تكمن الحكمة في هذا العمل ليس في "التبرك"، أي الحصول على بركة روحية من الحجر نفسه، ولكن في كونها جزءًا من عبادة أوسع نطاقاً تتمثل في الطواف حول الكعبة.
في حديث شهير عن النبي ﷺ، يُشير إلى أن الهدف الرئيسي للطواف هو إقامة ذكر الله سبحانه وتعالى. عندما يؤدي المسلمون هذه الشعائر، بما فيها المشي والتقبيل والاستلام للحجر الأسود والركن اليماني والإشارة إليه، فهم يعظمون اسم الله ويعترفون بقوة وطاعة توجيهه. هذه الأفعال ليست مجرد حركات بدنية؛ بل هي تجليات لتقديم القلوب والعقول لنفس الخالق المقدس. حتى اللحظة التي يتم فيها تبادل الكلمات مثل التكبيرات والأذكار والنداءات، فهي صريحة للغاية بأنها شكل من أشكال الذكر الديني.
ومن الجدير بالذكر هنا قول أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عند تقبيله للحجر الأسود: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك لما قبلتك". هذا البيان يوضح بوضوح أن التقليد النبوي وليس البركة المتصورة هي المحفز لهذا التصرف. إن الاعتقاد الذي يقترحه بعض الأفراد بأن غرض الطواف مشابه لطواف غير المسلمين حول قبور القديسين ليس صحيحا بناءً على الإرشاد الإلهي للعقيدة الإسلامية.
الطواف حول الكعبة يعد عبادة عظيمة ومقدسة بحسب الشريعة الإسلامية، وهو ركن أساسي في فريضة الحج. ومن خلال القيام بهذا الأمر بطريقة ممتعة وهادئة، يمكن للمؤمنين تجربة شعور خاص بالقرب من خالقهم، مما يكشف عن مكانتهم الخاصة وفائق قدرتهم ضمن نظام نظام خلقه الواسع. إنها دعوة للتأمل العميق والتعبد الصادق تجاه القوي الأعظم.
خلاصة القول، بينما يبدو تقبيل الحجر الأسود وكأنه ممارسة خارجية فقط، فهو في الواقع عميق المعنى ويستوعب جوانب مختلفة من العبادة والإحترام الديني.