العذر بالجهل: هل يجوز عدم تبليغ العلم بسبب احتمالية الوقوع بالأخطاء؟

في الإسلام، قضية العذر بالجهل تعتبر موضوعاً خلافياً بين علماء الدين. بينما بعض الفقه يسمح بالعذر عند الجهل بحكم شرعي، إلا أنه لا يمكن أبداً التأكد من

في الإسلام، قضية العذر بالجهل تعتبر موضوعاً خلافياً بين علماء الدين. بينما بعض الفقه يسمح بالعذر عند الجهل بحكم شرعي، إلا أنه لا يمكن أبداً التأكد من ترك الجاهل بدون أي توجيه أو تعليم. إن أدلة القرآن الكريم والسنة النبوية واضحة بشأن أهمية نشر الدين وتعليم الجاهلين. كما أكدت العديد من الآيات والأحاديث على ضرورة الدعوة والإرشاد والتذكير عبر وسائل مختلفة مثل الحكمة والموعظة الحسنة والحوار بالحسنى.

على الرغم من أن الله قد يعذر الشخص الذي جهل حقيقة شرعية ولم يتمكن من الوصول إلى المعلومات اللازمة، إلا أن هذا لا ينبغي أن يستخدم كذريعة لإهمال واجباتنا الدينية تجاه الآخرين. فعند توفر الفرصة للتعلم والمعرفة، تصبح المخاطرة بالجهل غير مسموحة ويمكن اعتبارها خطيئة إذا تم اتخاذ قرار متعمد بالإضرار بنفسك وبغيرك نتيجة لهذا الجهل.

ويؤكد القرآن الكريم بشكل واضح على مسؤوليتنا كمسلمين لنشر الحقائق الإسلامية أمام البشر جميعاً ("واتل عليهم نبأ الذي آتيناه ءاياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين"). وفي الحديث القدسي الشريف، يأمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم بتبليغ الرسالة بكل التفاصيل الصغيرة والكبيرة ("بلِّغوا عني ولو آية"). هذه الأوامر تشمل الجميع - رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً - بغرض إيصال رسالة الوحي الإلهي وحماية المجتمعات من الضلالات المحتملة الناجمة عن نقص التعليم والدروس المستفادة من التجارب التاريخية للدعاة المبشرين والمنذرين خلال عصور مختلفة.

وفي نهاية المطاف، فإن مهمتنا كمجتمع مسلم هي تقديم العلم والنور لكل فرد يسعى إليه وليس مجرد انتظار وقوع الأخطاء قبل التدخل. فالجهل المتعمد يعد جريمة أكبر بكثير مما هو معتقد عنه عموماً وهو مخالف تماماً للتقاليد الإسلامية الراسخة والتي تحتم البحث المستمر للمعرفة والتواصل المستدام للحفاظ على سلامة مجتمع المسلمين وفرديته أيضًا.


الفقيه أبو محمد

17997 Blog indlæg

Kommentarer