الحمد لله الذي يقبل التوبة ويحب التوابين. بالنسبة لتساؤلك حول كيفية التعامل مع الأموال التي اكتسبتها بطرق غير مشروعة قبل زواجك، هناك خطوات مهمة يجب اتباعها للتوبة النصوحة. أولاً، نعرب عن أملي في قبول الله عز وجل توبتك، فهو غفار الذنوب.
وفقاً للشريعة الإسلامية، من شروط التوبة الصحيحة هي إعادة الحقوق لأصحابها. إذا تم الحصول على أي جزء من تلك الأموال عبر سرقة أو خداع بدون موافقة صاحبها الأصلي، فعليك باسترداده إن استطعت. وإذا تعذر الوصول إلى هؤلاء الأشخاص أو ورثتهم بعد بحث دقيق، يمكنك التبرع بذلك المال نيابةً عنهم والتأكيد أنه ملك لهم أثناء التبرع؛ فإذا ظهر أحدهم يومًا ما، سيصبح لديك حق الاختيار بين إعادة الأصل أو تقبل الثواب الخاص بهذا التبرع.
وفي حالة كون هذه الأموال نتيجة لأنشطة مثل بيع الخمور أو الغناء أو الكهانة وما شابه مما حرمه الدين الإسلامي، فهناك عدة سيناريوهات:
1. لو كنت تجهل تحريم هذه الأنواع من التجارات وقت تلقي تلك الأموال، فلست ملزمًا بإعادة أي شيء منها; حيث قرر القرآن الكريم عدم عقوبة الذين يتوبون حال معرفتهم لاحقا لتحريم الأمر كما ورد في آية رقم ٢٧٥ من سورة البقرة "فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ".
2. ولكن إذا علمت بالحرمة واستخدمتها رغم العلم، فقد فرغت بالفعل من عبء المسؤولية بمجرد الشعور بالندم والعودة لحالة الرضا عند الله -تعالى-.
3. عندما تكون هذه الأموال تحت تصرفك الآن، ينصح الشيخ بن قيم الجوزي وابن تيمية وغيرهما باستخدامها لنفع الآخرين سواء كانوا المحتاجين منهم بشكل خاص أو عامة المجتمع عبر طرق البر والخير المختلفة؛ ومع ذلك، يجيز الفقهاء الأخذ منها حسب القدر اللازم للحفاظ على مستوى حياة آدمي مناسب بشرط التصرف ببقية المال فيما يفيد الناس أيضًا. وكما أكد الإمام ابن تيمية نفسه في بعض الأحكام المتعلقة بالأحوال الاجتماعية المشابهة، يمكن أيضا منح فرص عمل صغيرة لمن يحتاج إليها لدعم استقلالهم الاقتصادي المستقبلي. وفي جميع الظروف، التركيز القوي على القيام بعمل صالح طاعة لله وحده أمر ضروري للمضي قدمًا نحو الحياة الجديدة المباركة وخالية من الفساد بكل أشكالها بما فيه المالية منها تحديدًا لما ذكر سابقًا بأنه شرط لازم للتوبة المثلى وهي ترك الحرام.
ختامًا ندعو الله جل وعلى أن يغفر ذنب الجميع ويعافي قلوب المسلمين ويلهمنا الاستقامة والرشاد والسداد دائمآ إنه سميع مجيب الدعاء.