• صاحب المنشور: الطيب المدغري
  
  ملخص النقاش:
  في ظل التغيرات المناخية المتزايدة والتوترات السياسية والاضطراب الاقتصادي، تواجه العالم اليوم أزمة غذائية متفاقمة لها آثار بعيدة المدى. تُعتبر هذه الأزمة نتيجة لتداخل مجموعة معقدة من العوامل التي تشمل نقص الأمن الغذائي، الارتفاع غير المسبوق في تكاليف المواد الغذائية الأساسية، وتدهور قابلية الأرض الزراعية بسبب التصحر والجفاف الناجمين عن الظواهر الجوية القاسية المرتبطة بالتغير المناخي. بالإضافة إلى ذلك، يلعب التحول الديموغرافي دورًا مهمًا أيضًا حيث تتوقع الأمم المتحدة زيادة عدد سكان الكوكب بحوالي مليار شخص خلال السنوات الخمس والعشرين المقبلة مما سيضاعف الطلب العالمي على الغذاء.

هذه الديناميكيات المعقدة تؤدي ليس فقط إلى مخاطر الفقر والجوع ولكن أيضًا إلى اضطرابات اجتماعية واقتصادية محتملة. من ناحية أخرى، يمكن النظر إليها كفرصة لاستثمارات مستدامة في القطاعات الزراعية والبنية التحتية الغذائية وفي البحوث الخاصة بالزراعة الذكية بيئياً وأنظمة الصناعات الغذائية الحديثة. كما أنها تسلط الضوء على الحاجة الملحة لإعادة التفكير الاستراتيجي في السياسات الحكومية العالمية بشأن الأمن الغذائي وكفاءة استخدام المياه واستخدام الأراضي ومكافحة هدر الطعام.

التأثيرات المحلية والدولية للأزمة الغذائية:

التأثير الإنساني والأخلاقي:

من أكثر جوانب الأزمة أهمية هي تأثيرها المباشر على الفقراء والمجتمعات الهشة حول العالم. وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، يعيش حوالي ثمانمائة وثلاثين مليون شخص حاليا تحت خط الفقر المدقع الذي يعتمد فيه دخل الفرد بدرجة كبيرة على استهلاك المنتجات الزراعية. وبالتالي فإن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يؤدي عادة إلى تفاقم حالة هؤلاء الأشخاص الذين يكافحون بالفعل للحصول على وجبة يومية صحية ومتوازنة. ويمكن لهذه الظروف أيضا أن تسهم في ظهور أو تفاقم المشاكل الصحية مثل سوء التغذية وقصور الفيتامينات والمعادن الأساسية وغيرها الكثير.

بالإضافة لذلك، تحمل مشكلة الجوع والإفقار صفة أخلاقية واضحة وهي جزء أساسي من حق الإنسان الأساسي بالحياة والكرامة. وقد أكد البيان الأخلاقي الأخضر للأمم المتحدة هذا الجانب عندما وصف الحقوق الأساسية للناس بإمكان الوصول إلى نظام طعام آمن وصحي وعادل ومستدام. وهذا يعني أنه يجب اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة قضايا الأمن الغذائي والحفاظ عليه بشكل عام ومنع أي انهيار آخر قد يحدث مرة اخرى في النظام الحالي للإنتاج والاستهلاك العالمي للغذاء.

التأثير الاقتصادي:

تلعب قضية الأمن الغذائي دورا رئيسيا أيضا داخل الحدود الوطنية لكل دولة وذلك لانقطاع سلسلة الإمدادات الغذائية بشكل مفاجئ قد يساهم في تراجع معدلات النمو الاقتصادي وهو الأمر الذي شهدته العديد من البلدان مؤخراً بعد جائحة كورونا كوفيد-19 مثلاً، حيث أدى الحجر الصحي المفروض عليها لفترة طويلة الى تعطيل العمليات الانتاجية المختلفة بما فيها المصالح التجارية لصناعة تجارة الغذاء والتي تعتبر حيوية لدعم المجتمعات بمختلف طبقاتها الاجتماعية وتعزيز قدرتها الشرائية مقارنة بالأوقات الأخرى العادية. ولذلك تصبح سياسات دعم المنتج المحلي وتشجيع المزارعين الأصغر حجمًا ذات أولوية قصوى نظرا لرغبتهم الأكبر