- صاحب المنشور: أروى المراكشي
ملخص النقاش:
كان عمر بن الخطاب أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في تاريخ الإسلام. ولد قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأربع سنوات تقريباً, وكان له دور بارز في نشر الدعوة الإسلامية وفي توحيد القبائل العربية تحت راية واحدة. يُذكر أنه اعتنق الإسلام بعد هجرة الرسول إلى المدينة المنورة ودوره الكبير كأحد الستة الذين بايعوا الرسول على الموت.
بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنصيب أبو بكر الصديق خليفة للمسلمين, اتخذ عمر بن الخطاب مكاناً مميزاً بين الصحابة الكرام. عندما أصبح أميراً للمؤمنين بعد الخليفة الثاني عمر الفاروق، بدأ فترة حكم شهدت توسعات كبيرة للحكم الإسلامي وتمّت العديد من الإصلاحات الداخلية التي تركت أثراً دائماً في التاريخ الإسلامي والعربي.
كما برز عمر بن الخطاب بقوة شخصيته الحازمة والحكمة السياسية. فقد كان معروفاً بشجاعته وبسالته العسكرية، حيث قاد الكثير من الحملات العسكرية الناجحة التي أدت لتوسيع الدولة الإسلامية جغرافياً. بالإضافة لذلك، لعب دوراً محورياً في تأسيس نظام الحكم والإدارة المركزية للدولة الإسلامية الأولى، مستخدما قوانينه وأنظمتها لضمان العدالة والرخاء لأهل البلاد المفتوحة حديثا والمهددة بالعدوان الخارجي.
في المجال الاجتماعي والقانوني، يعد عمر بن الخطاب صاحب فكرة تحديد العام الهجري كمقياس زمني للتقويم الإسلامي وهو التقويم الذي يستخدم حتى اليوم في معظم الدول ذات الأغلبية المسلمة. كما وضع أساس القانون المدني الإسلامي المعروف باسم "القانون العمرى"، والذي ظل مرجعًا رئيسيًا للقضاء الشرعي لمدة ستة قرون متواصلة منذ خلقه وحتى الوقت الحالي.
لم تكن حياة هذا الرجل مجرد حياة حكم بل كانت رسالة سامية هدفها بناء دولة قوية وعادلة تحترم حقوق الإنسان وتضمن الحرية للأفراد مع العمل الجاد لتحقيق الرخاء الاقتصادي للنظام الجديد آنذاك. إن أخلاقياته وصفاته الإنسانية جعلته مثالًا يحتذى به لكل المسلمين عبر الزمان والمكان. إنها قصة رجل نموذجي حمل هموم أمته وقدّم تضحيات جسام لمصلحتها، مما جعله رمزًا للتواضع والكرم والشجاعة والفطنة الاستراتيجية والثبات الروحي وسط تحديات فرضتها الظروف المتغيرة باستمرار حول العالم العربي القديم وقتئذٍ.