- صاحب المنشور: مديحة بوزيان
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، شهد العالم ثورة تكنولوجية غير مسبوقة أثرت بشكل كبير على مختلف جوانب الحياة اليومية. وعلى الرغم من الفوائد العديدة التي جلبتها التقنيات الحديثة، إلا أنها خلقت أيضاً تحديات جديدة تتعلق بصحة الإنسان النفسية والعقلية. يهدف هذا المقال إلى استكشاف تأثيرات التكنولوجيا المتنوعة -السلبية والإيجابية- على الحالة الذهنية للإنسان وكيف يمكننا موازنة هذه التأثيرات للحفاظ على رفاهيتنا العقلية.
الآثار الإيجابية: تعزيز التواصل والراحة
أولاً، عززت وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية شبكات الدعم الاجتماعي، مما جعل من الأسهل للأفراد الحفاظ على العلاقات مع الأحباء البعيدين الجغرافيًا. كما سهلت المنصات الافتراضية فرص تبادل الأفكار والخروج بمجتمعات متخصصة تشارك اهتمامات مشتركة، مما قد يقوي الروابط بين الأعضاء ويقلل الشعور بالعزلة الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، أدى ظهور الخدمات الصحية الإلكترونية وتطبيقات الوقاية الذاتية إلى تحسين الوصول إلى المعلومات الطبية والاستشارات الأولية، الأمر الذي كان مفيدًا خاصة خلال جائحة كوفيد-19 حيث أصبحت زيارات الطبيب شخصيًا أكثر خطراً.
الآثار السلبية: الضغط النفسي وفقدان التركيز
من ناحية أخرى، ترتبط استخدام الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر الشخصي بتزايد مستويات القلق والاكتئاب لدى بعض المستخدمين. وذلك بسبب زيادة التعرض للمحتوى السلبي عبر الإنترنت مثل الأخبار المؤلمة أو المحتوى العنيف أو حتى السلوك المدمر لذاته الذي يشاهد في الوسائط. علاوة على ذلك، غالبًا ما يؤدي الانشغال المستمر بالتقنية إلى تقليل جودة النوم ومستوى التركيز العام أثناء النهار، وهو أمر ضروري لصحة نفسية صحية. كذلك، أصبح "الإدمان" على الأجهزة الرقمية قضية ملحة حيث يعاني الكثيرون صعوبات في فصل أنفسهم عن الشاشات لساعات طويلة يوميا.
الموازنة بين الاثنين: بناء عادات رقمية صحية
لمواجهة هذه المشكلات الناجمة عن الاستخدام الزائد للتكنولوجيا، ينصح الخبراء باتخاذ عدة خطوات لتحقيق توازن أفضل بين حياة المرء الرقمية والعاطفية/العقلية:
- الحد الزمني: تحديد أوقات محددة للاستخدام المنتظم للجهاز واختيار وقت خالي تماماً منه كل يوم؛
- تنقية الجدول الزمني: تجنب التصفح قبل النوم واستبداله بأنشطة مهدئة فعلا كالاستماع لموسيقى هادئة أو قراءة كتاب;
- التوعية بالنوايا: فهم تأثير محتوى الشبكة على مزاجك واتخاذ قرارات مدروسة حول نوع الرسائل التي ستشاهدها؛
- وقت خاص بعيدا: تخصيص فترة من الوقت بدون أي اتصال رقمي سواء لتكون لحظة روحية شخصية أم لقضاء وقت خارج المنزل برفقة الآخرين مباشرة وجهاً لوجه;
- أنشطة منتظمة: دعم نمط حياة نشط جسدي وعقلي من خلال الرياضة والمشاركة المجتمعية والفنون وغيرهما مما يحسن الشعور العام بالإنجاز والسعادة الداخليتين.
وفي النهاية، في حين أنه ليس بوسع أحد إنكار فائدة التكنولوجيا المعاصرة لنا جميعا كمورد وقناة نقل معلومات مهم للغاية، فقد آن الاوان لإعادة النظر بحكمة في كيفية استخدامه ليناسب حاجتنا الإنسانية الأساسية لرعاية صحتنا النفس والجسد أيضا بالتأكيد!