اختيارات صعبة: التوازن بين الدين والحياة اليومية

في مواجهة قرارات الحياة التي قد تبدو وكأنها تواجهك بمطرقة وسندان، خاصة عندما تتعلق تلك القرارات بتفاصيل حياتك الشخصية والدينية، تبقى القوانين الإسلامي

في مواجهة قرارات الحياة التي قد تبدو وكأنها تواجهك بمطرقة وسندان، خاصة عندما تتعلق تلك القرارات بتفاصيل حياتك الشخصية والدينية، تبقى القوانين الإسلامية هي الدليل المرشد الذي يجب اتباعه. بالنسبة للسائلة، يبدو أنها تقف أمام اختيارين صعبين للغاية. الأولى هي الدراسة في جامعة غير مختلطة في بلد عربي مسلم حيث سيكون وجودها بدون محرم - وهو أمر غير مستحب شرعا-. والخيار الثاني، والذي يبدو أسوأ وفقا للحكم الإسلامي، هو الدراسة في جامعة مختلطة في وطنها مما يعرضها لممارسات لا تتوافق مع تعاليم الإسلام.

الحكمة الإسلامية واضحة هنا؛ فالولى مسؤول عن منع الفتيات من الانخراط في ما قد يؤدي إلى الآثام والمعاصي. ومن ناحية أخرى، يحظر الإسلام تمامًا سفر النساء وحدهن، إلا برفقة رجل محرم لهم. لذا، إذا استمر المحرم الخاص بك بالسفر إليك واحتضنت بيئة دراسية آمنة ومحمية ذات حدود واضحة فيما يخص العلاقات الاجتماعية، لن يكون هناك أي مانع شرعي.

لكن الواقع المعقد لتعدد الخيارات والمحدودية الدراماتيكية للأوضاع الحالية يقودنا إلى قاعدة أخلاقية أساسية: "اختر الأقل ضررا". هذه العبارة تطلب من الشخص أن ينظر بعناية لكل خيار تحت المجهر لإيجاد الحل الأنسب بنظرته الخاصة بناء على ظروفه الفريدة.

في حالتك العزيزة، يعتبر سفرك للبلد الآخر خيرا نسبيا لأنه سيضمن سلامتك من التعرض للاختلاط المباشر وغير المرغوب في التعليم الأكاديمي. ومع ذلك، فهو أيضا يأتي مع تحديات مثل الشعور بالعزلة بسبب عدم وجود عائلات حولك. وفي الوقت نفسه، تشكل البيئة التعليمية داخل بلدك مشكلة كبيرة بالنظر إلى طبيعتها المختلطة والتي تضم العديد من المغريات الضارة.

إذا كانت الخطوات العملية مستبعدة حاليا كالاستعانة بمحرم للسفر ذهاب واياب بشكل دوري، وقد تمسك أبويك بحتمية الاستمرار في الحصول على شهادتك العلمية، فيمكن اعتبار أقرب طريق لأقل قدر من الشر كمبدأ توجيهي لك. وهنا تأتي أهمية الربط الوثيق بابن العم عبر رضاعة لبناء الثقة المتبادلة والإمدادات الروحية التي يمكن أن تساعد خلال فترات الغربة الطويلة نسبياً.

ومن المهم كذلك أثناء بحثك عن المسارات المثلى لحملك المستقبلي أن تهتم بصحتك النفسية والعقلانية باستخدام وقت فراغ جيدا سواء بالتعلم الذاتي المرتبط بمجالك المهني أم بالمشاركة المجتمعية المفيدة ضمن دائرة المؤمنين الذين يشاطرونك القيم الأخلاقية المشابهة لما ترنو إليه. حافظي دوماً على ارتباط روحاني متزايد بربك عز وجل عبر تطبيق شعائر دينه المختلفة بما فيها حفظ الكتاب المقدس وقراءة السنة النبوية واتبعي سنتهم وتعليم أئمتنا الكرام لتحقيق حياة مرضاة لله عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى. نسأله جل وعلى المزيد من التوجيه والنصر والثبات للعبد الفقير إلي رحمة رب العالمين ولكافة المسلمين.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات