- صاحب المنشور: نادين بن وازن
ملخص النقاش:
في العصر الحديث، شهدنا تحولًا رقميًّا كبيرًا أثّر بشكل عميق على جميع جوانب الحياة اليومية، ومن بينها القطاع التعليمي. هذا التحول الذي بدأ بتبني التقنيات الحديثة مثل الحواسيب والإنترنت، ثم تطوّر ليشمل الوسائط المتعددة والتطبيقات الذكية، أعاد تشكيل طريقة التعلم وطرق التدريس. فيما يلي محاولة لفهم هذه الثورة الرقمية وتأثيراتها الجيدة والمشاكل التي تواجهها.
**الفرص الواسعة للتعلّم عبر الإنترنت**
كانت أحد أهم فوائد التكنولوجيا في مجال التعليم هي قدرتها على توفير فرص تعليمية متنوعة ومتاحة للجميع بغض النظر عن الموقع الجغرافي أو مستوى الدخل. المنصات الإلكترونية للتعليم المفتوح والمبادرات العالمية مثل "كورسيرا" (Coursera) و "إدكس" (edX)، سمحت بمشاركة المعرفة والعروض الدراسية عالية المستوى مع عدد هائل من الطلاب حول العالم مجاناً تقريبًا. بالإضافة لذلك، أدى استخدام التطبيقات التعليمية والألعاب التربوية إلى جعل عملية التعلم أكثر جاذبية وملائمة للأجيال الشابة الذين ينشغلون بالتكنولوجيا منذ الصغر.
**تكامل الأدوات الرقمية في القاعات الدراسية التقليدية**
كما أدخلت التكنولوجيا تغييرا جوهريا داخل البيئة الدراسية التقلية. حيث أصبح بإمكان المعلمين الآن دمج وسائل متعددة الأبعاد لإلقاء المحاضرات، مما يتيح لهم تقديم محتوى بصري وغني بالمعلومات يمكنه جذب انتباه الطلاب والحفاظ عليه . كما سهّل تبادل الأفكار والنقاشات بين طلاب الفصل باستخدام اللوحات البيضاء الرقمية والبرامج المناظرة لها. كذلك, أصبح بالإمكان الوصول الفوري للموارد التعليمية مثل الكتب الإلكترونية والفيديوهات المرجعية مباشرة خلال جلسات التدريس.
**التحديات المرتبطة بالتكنولوجيا في التعليم**
بالرغم من كل تلك الإيجابيات، إلا أنها تأتي مصاحبة بعدد من المخاطر المحتملة أيضا. فقد لوحظ زيادة معدلات الاعتماد الزائد على أدوات مساعدة خارجية في الامتحانات بسبب انتشار الاختبارات الإلكترونية. بينما قد يساعد ذلك البعض ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنه يشكل مصدر قلق أخلاقي يهدّد نزاهة المقاييس المعيارية لامتحان القدرة والاستيعاب لدى الطالب نفسه. علاوة على ذلك، فإن عدم المساواة الرقمية -أي الفرق الطبقي فيما بين المجتمعات المختلفة في امتلاك وأستخدام الأدوات الرقمية- يؤدي غالباً إلى خلق هوّة معرفية كبيرة وغير عادلة بين مختلف شرائح السكان. وفي كثير من البلدان النامية، ليس بوسع الكثيرين حتى مجرد الحصول على شبكة إنترنت مستقرة لتلبية احتياجاتهم الأكاديمية الأساسية.
وبالتالي، لا يمكن نكران الدور الكبير الذي لعبته التكنولوجيا في تحديث وتحسين منظومة العملية التعليمية ككل. لكن الأمر يتطلب موازنة دقيقة بين استغلال ثمارها وفوائدها وبين تجنب آثارها الضارة. وهذا يعني ضرورة وضع سياسات واضحة توضح كيفية تطبيق تكنولوجيات جديدة بطريقة تضمن الإنصاف والشمولية لأكبر مجموعة ممكنة من الناس. وكذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار الجانب الثقافي والمعرفي للإنسان عند تصميم المشروعات التكنولوجية لتكون مطابقة لقيم مجتمعاتها واستعداداته العقليّة والإجتماعية قبل عرضها عليهم كمصدر مفيد وجديد للمعارف العلمية الحديثة. ف