في ظل انتشار العديد من القصص الدينية عبر الإنترنت، يحذر الخبراء من خطر نشر أحاديث ورويات مجهولة المصدر وغير موثوق بها. أحد الأمثلة الواضحة لهذا النوع من المعلومات هي القصة التي تدور حول "حديث قدسي" مروّع بشكل خاص، حيث يُعرَف بأنه "تقشعر منه الأبدان". ولكن هل يمكن اعتبار هذه الآية جزءاً صحيحاً من الدين الإسلامي؟
الحقيقة المؤلمة هي أنه بناءً على دراسة دقيقة للأسانيد والمحتويات التاريخية لهذه الرواية، تبين أنها مجرد ادعاءات مغلوطة وموضوعة. ليس هناك أي سند شرعي معروف لها بين العلماء المسلمين الذين قاموا بتجميع وتوثيق الأحاديث النبوية الشريفة.
إحدى أهم الأدلة على زيف هذا الحديث هو وجود تناقضات واضحة مع الحقائق البيولوجية المعروفة لدى الجميع. فعلى سبيل المثال، غالبًا ما يتم ذكر أن الجنين في رحم الأم يكون وجاهه باتجاه جانب والدته لمنعه من التعرض لأبخرة الطعام المحترق. إلا أن الواقع الطبي يكذب مثل تلك الفرضية؛ فالجنين يعيش ضمن بيئة مغلقة بعيدا جدا عن مساحة الجهاز الهضمي والأمعاء. بالإضافة لذلك، فإن المعدة والكبد هما منطقتان مختلفتان داخل جسم الإنسان وليسا موقعين كما وصفا هنا كمكان استراحة الطفل أثناء إقامته داخل الرحم.
بالإضافة لما سبق، تربط الرواية الخاطئة الولادة بريشة من جناح ملك عظيم وهو أمر غير مستند إلى أي مصدر معتبر ضمن القرآن الكريم والسنة المطهرة. وفي حين تعد قصة ولادة المسيح عيسى عليه السلام مثالاً كريماً لدخول روح القدس للإنسانة بطريقة خارقة للطبيعة وفق تعاليم الكتاب العزيز والإنجيل المقدس لكل من اليهود والنصارى, إلا أنه ليس ثمة دليل يستوجب تقديمه لتعميم نفس الفكرة بالنسبة للجنس البشري عموما بما فيه المسلمون تحديداً.
ختاما، يجب التنبيه بأن الانخراط في اقتباس قصص دينية بدون التحقق من مصداقيتها يعد خطيئة كبيرة بحق العقيدة الإسلامية نفسها. بدلاً من قبول كل ما ينتشر بلا نقد نقدي أولاً، ينصح بقراءة وفهم الأحكام الواردة فقط من خلال مراجع موثوق بها تمتاز برواتبها ودحض شبهاتها المتراكمة عبر القرون الطوال والتي حددت الحدود الفاصلة بين الحقيقي والمفترى عليه. وبذلك سيضمن الأفراد سلامتهم وثبات إيمانهم ضد المغالطات والتلاعب المحتمل بالمبادئ والقواعد الأساسية لعقيدتنا الغالية.