أنا يوسف يا أبي؛ ما أكلتُ رغيفَ أحد، ولا شُغفتُ بامرأةِ أحدٍ، ولا شربتُ خمرَ أحد! لكنهم إخوتي يا أبي استطابوا لعقَ دمي، وأن يُحدّقوا في جراحي. أنا يوسف الذي نام في العراءِ خمسينَ خريفًا، وأنا الذي بنى بيتًا تحتَ كلِّ غيمةٍ .. فأضاعهُ كلَّ شتاء!
أنا الدم المطلول على جبهةِ كلِّ شارع! أنا يوسفُ المخذول، ما رآني سيّارةٌ ولا اكترثَ بي رُعاة
حَدِّق طويلاً يا أبي، وإنْ بعينينِ غيرِ مُبصرتينْ، ستُبصرني! لا رطوبةَ القبو، أو الجُبِّ، ولا قصر العزيزِ غيَّرت في ملامحي.
ها إنّي، أُنظر، أُشبهُ عودًا من الوهجِ!! وها إنّي، أطْولُ منَ النخلِ حين أمشي في شارعِ النخل
أتعثرُ في الطريق إلى بيتك يا أبي، برداءٍ مقدودٍ من دُبرٍ ومن قُبلٍ ومن كل الجهات. وبأكمامٍ تقطرُ أسئلة: لماذا إخوتي لا يحبونني، يا أبي؟