- صاحب المنشور: عبد المنعم بن إدريس
ملخص النقاش:
في عالم يتزايد فيه عدد السكان ويتغير المناخ بسرعة غير مسبوقة، يصبح الأمن الغذائي قضية حاسمة ترفعها كل البلدان إلى قمة اهتماماتها. يشمل هذا المصطلح مجموعة معقدة ومترابطة من القضايا التي تتراوح بين الإنتاج الزراعي والوصول العادل إلى الغذاء والاستدامة البيئية. وفي هذا السياق، نستعرض بعض التحديات الرئيسية والأفق المحتملة لمواجهة هذه الأزمة العالمية المتنامية.
تُعتبر الزيادة الديمغرافية أحد أكبر التهديدات للأمن الغذائي العالمي. بحسب الأمم المتحدة، من المتوقع أن يصل تعداد سكان العالم إلى أكثر من تسعة مليارات شخص بحلول عام 2050. وهذا يعني زيادة الطلب على الغذاء بنسبة 60% مقارنة بعام 2019. ولكن المشكلة ليست فقط في الحاجة لزيادة إنتاج الغذاء؛ بل أيضًا في كيفية القيام بذلك بطرق مستدامة بيئياً واقتصادياً واجتماعياً.
التغيرات الجوية تلعب دوراً كبيراً أيضاً. تؤدي الظواهر الجوية الشديدة مثل الفيضانات والجفاف والعواصف القاسية إلى خسائر كبيرة في المحاصيل وتؤثر بشكل كبيرعلى القدرة على الوصول إلى المياه اللازمة للزراعة. بالإضافة لذلك، يؤدي الاحتباس الحراري إلى تغيير أنماط هطول الأمطار مما قد يدفع مناطق معينة نحو انحسار خصوبتها الزراعية.
من الناحية الاجتماعية، يعد عدم المساواة في الحصول على الغذاء مشكلة رئيسية أخرى. رغم توافر كميات كبيرة نسبياً من الغذاء حول العالم، فإن العديد من الأشخاص يعيشون تحت خط الفقر ولا يستطيعون تحمل تكاليف ثمن الطعام الأساسي. كما يوجد تفاوت كبير في قدرة الدول المختلفة على تأمين احتياجات مواطنيها غذائياً خاصة خلال الفترات الاقتصادية الصعبة والحروب والكوارث الطبيعية.
وفي الوقت الذي نواجه فيه هذه التحديات الكبيرة، هناك أيضا فرص وأساليب مبتكرة يمكن استخدامها لتحقيق تقدم نحو حلول دائمة ومستدامة. فالتكنولوجيا الحديثة توفر أدوات جديدة لإدارة موارد الأرض بكفاءة أكبر وبالتالي تحسين الإنتاجية الزراعية. تقنيات مثل الري الذكي والتحليلات الرقمية للمناخ تسمح للمزارعين باتخاذ قرارات أفضل بشأن زراعتهم وإنشاء مجتمعات زراعية أكثر مرونة.
ومن جانب آخر، تعمل المجتمعات الدولية والإقليمية على تعزيز جهودها لمنع المجاعات ومن دعم الاستقرار السياسي عبر توفير المساعدات الإنسانية والدعم التقني. مثلاً، تبنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة برنامجاً متعدد السنوات يدعى "الحزام الأخضر" والذي يهدف لتشجيع الزراعة المستدامة في المناطق الواقعة ضمن حدود الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ختامًا، يبقى تحقيق أهداف الأمن الغذائي مرتبطا بتكاتف جهود جميع القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني. إن اتباع نهج شامل وشامل سيضمن لنا بناء نظام طعام قادر على خدمة الاحتياجات المتغيرة لسكان العالم وتعزيز رفاهيتهم.