ورد عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم نهيًا صريحًا عن استقبال أو استدبار القبلة عند قضاء الحاجة سواءً كان ذلك في الصحراء أو البناء. وقد أكدت العديد من الأحاديث الصحيحة هذا المنع، مما يدل على حرمة هذا العمل.
في البيئة المفتوحة، حيث يمكن للمسلم أن يحافظ على ستره بشكل طبيعي، فإن النهج الواضح هو تجنب استقبال أو استدبار القبلة تمامًا عند قضاء الحاجة. ومع ذلك، وفي حالة البناء، هناك اختلاف بين الفقهاء. يستند البعض إلى حادثة حدثت حين صلى الله عليه وسلم أدى حاجته داخل منزل حفصة بمكان غير مواجه للكعبة مباشرة، معتبرين هذا تصرفًا عامًّا يمكن اتباعه. بينما يرى الآخرون بأن تلك الحالة قد تكون خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وليس لها دلالة عامة، وأن أفضل مسار للأمة الإسلامية هو الامتناع عن القيام بهذا العمل بغض النظر عن المكان - سواء كان في المباني أو المناطق المفتوحة - وذلك استنادا للأحاديث المتعددة حول الموضوع والتي تشمل الجميع دون تفريق.
ومع ذلك، وبسبب ظروف الحياة الحديثة التي تتضمن انتشار مراحيض موجهة نحو القبلة وغيرها من العقبات العملية، فقد يُعتبر المغالبة عليها أمرا مسموحا به ولكن ليس مُفضّلا. لذا، فإنه وإن لم يكن محظورا بصورة قطعية في المباني بناءً على الظروف الخاصة لهذه الحالة، إلا أن الوقاية منها هي الخيار الأكثر توافقاً مع روح التعاليم والتوجيهات المقدسة. وهكذا، فبالرغم من إمكانية اعتبار هذه الممارسة مباحة تحت الضغط الواقعي في بيئات العمران التي يصعب فيها تغيير الاتجاه، إلا أنها ليست ضرورية بالضرورة وتترك المرء عرضة للإثم المحتمل. والخلاصة هي الدعوة للتجنب المطلق لاستقبال أو استدبار القبلة خلال الأوقات الشخصية إذا أمكن ذلك؛ فهو الطريق الآمن والمستقيم الذي يؤدي إلى التقرب إلى رب العالمين بتقواه وطاعته.